بقلم : فاروق جويدة
رغم كل الأمجاد التى عاشها الشاعر أحمد شوقي، من قصر الخديو إلى منفى إسبانيا، إلى سعد باشا زغلول، وقسوة العقاد فى آخر رحلة العمر، وقف أمام باب الأخلاق مستسلمًا وقال هذا البيت الشعرى: «إنما الأمم الأخلاق».. إن صلاح الإنسان فى أخلاقه، وإن المجد الحقيقى والذكرى الطيبة هي: ماذا سيُقال عنك بعد أن تهدأ العواصف، وتسقط الألقاب، وتسمع حولك من يقرأ: «ارجعى إلى ربك راضية...»؟
إن للفساد صورًا كثيرة، قد يكون فى المواقف، والسلوك، والظلم، والقهر، والعدوان على آدمية البشر .. وهذه الظواهر تبدو فى أخلاق الناس، وفى مواقف الأوطان، وفى سلوكيات القرار .. إن أسوأ أنواع الفساد هو الظلم، وهو ليس سلوكًا فرديًا، لأن الشعوب تُظلَم، والصمت والتخاذل فى الحق من أقسى وأسوأ أنواع الظلم. ولكل عصر سمات؛ هناك عصور للأحلام، وعصور أخرى للاستسلام، وعصور للعدل، وعصور للظلم.
وحين يُقتل الإنسان، فهو لا يختلف كثيرًا عن قتل الشعوب بعضها لبعض.. والظلم ليس فقط سلوكًا فرديًا ، ولكن الشعوب تظلِم بعضها، وهناك شعوب تظلِم نفسها إذا ضعفت، واستكانت، وتخاذلت، أو رضيت بالظلم أسلوبَ حياة.. هنا تغيب الرحمة، وتنسحب الأخلاق، وتتحول الحياة إلى تلال من البرودة والصقيع. وكما تغيب الشمس، تختفى الأخلاق، ويسود الظلم بين البشر، وتعود الحياة غابةً موحشة، يأكل القوى فيها الضعيف، ويبكى الناس على الأخلاق، ويسترجعون كلمات أمير الشعراء، والدرس الذى خرج به من الحياة: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت».
تبقى قضية الأخلاق من أهم جوانب السلوك الإنسانى، إنها الترفع والرقى والفضيلة والعدل والجمال، وحين تسقط هذه الأشياء يخسر الإنسان أغلى أسباب وجوده.