بقلم : فاروق جويدة
تدفقت حشود الناس فى غزة يبحثون عن مصادر الطعام التى سمحت بها عصابة تل أبيب. كان الطعام قليلا، والوجبات لا تكفى، وكانت الحشود تتدافع بينما كان الرصاص يحاصر الأطفال. وكان المستوطنون من لصوص الأرض يحاصرون أهل غزة وهم يندفعون خلف كميات ضئيلة من الطعام، رغم أن هناك عواصم كثيرة تحدثت عن المساعدات وآلاف الشاحنات، ولا شيء من ذلك ظهر فى الحشد البشرى الرهيب.
كانت اللقاءات وقصص المفاوضات والوفود قد سبقت هذا المشهد الحزين، والعالم يتحدث عن صفقات البيع والشراء، رغم أن بضعة آلاف من الدولارات كانت تكفى لتوفير الطعام لأهل غزة، ولكن الكل كان بعيداً، والرصاص يحاصر الحشود التى لم تجد فى الشاحنات ما يسد جوعها، فما بالك بالأدوية ولبن الأطفال واحتياجات المرضى وفساد الأطعمة التى مضى عليها شهور طويلة.
كانت حشود غزة وهى تدور حول بقايا الطعام وثيقة إدانة ضد عالم فقد الرحمة والإنسانية، وتحولت مجاعات غزة إلى صفحات إدانة فى سجلات القتل وانتهاك حقوق البشر.
لا أدرى ما هى مشاعر الشعوب المختلفة وهم يشاهدون هذه المأساة، لأنها إدانة لكل من شارك فيها أو صمت عليها أو أيّد عصابات القتلة. هناك تاريخ يُسجل ولن يترك أحداً، خاصة من ملكوا كل شيء وبخلوا على شعب يموت جوعاً وتحاصره مواكب الظلم بين الدمار والإبادة.
سوف يحكى التاريخ كثيراً، وسوف يقف أطفال غزة يلعنون أزمنة الموت والطغيان، وسوف يقف القتلة أمام محاكم التاريخ تصفعهم لعنات السماء وصرخات البشر. لا شيء يسقط بالتقادم، وما يحدث فى غزة ملحمة صمود وإرادة شعب وطغيان أزمنة حسابها لن يكون بعيداً.. جوع غزة وثيقة عار لن ينجو منها أحد.