بقلم : فاروق جويدة
قرر صديقى أن يأخذ مكانا بعيدا ويجلس وحيدا ويمارس متعته فى أن يخاطب نفسه ويراجع ذكرياته معها.. لم يعد لديه ما يقال ، سكت الكلام فليس هناك أحد يسمع .. الناس دخلت فى حالة من الصمت، الأسرة لا يسمع بعضا، الأب غارق فى هموم يومه فى العمل، والأم تراجع حسابات البيع والشراء وآخر الأسعار، والأبناء يتنقلون بين الغرف، وكل واحد يمسك بالمحمول ولا تعرف ماذا يشاهدون.. جارى كان يقود سيارته عائدا للبيت ونسى، ورد على التليفون ووجد نفسه ينام فى المستشفى وحوله الزوجة والأبناء يبكون ، ماذا حدث؟ مكالمة فى المحمول كانت وراء الكارثة .
أحيانا تشعر بأن الكلام لا يجدى، وأن الصراخ لا يفيد، وأن الصمت هو الحل.. كل شيء حولك يجرى وأنت لا ترى ولا تسمع ولا تجد إجابة على أى سؤال.
قررت أن أزور صديقى فى المستشفى، وحين بدأت الحديث معه لاحظت أنه لا يرد ولا يتكلم ، وأنه ذهب فى رحلة صمت طويلة.
اخترت ركنا فى البيت بعيدا عن صخب الأولاد وصوت التليفزيون وأحاديث زوجتى. لم أعد أتابع نشرات الأخبار، آخر نشرة شاهدتها كان المذيع ينام وترك الصورة تعبر أمامه دون أن يعلق عليها. كل الأخبار تزداد معها حالة الصمت، وبدأت أسأل نفسي: هل متابعة الأحداث وراء حالة الصمت التى أصابتني؟
نزلت إلى الشارع واكتشفت أن الناس لا يتكلمون، حتى أصحاب المحال الذين كنت ألقى السلام عليهم ينظرون نحوى ولا يردون. حين دخلت عيادة الطبيب النفسى صافحته وألقيت السلام عليه فلم يرد، وقال كلمة واحدة: «أنا تعبان» ولم يتكلم.