بقلم : عبد المنعم سعيد
اشتعلت «الميديا» المصرية والعربية بعد مقابلة تليفزيونية مع عميد الدبلوماسية السيد عمرو موسى فيها وصف «الديكتاتور» لذكريات عن الرئيس جمال عبدالناصر. المسلم به لدى وفيما أعتقد موقف العميد أن الرجل الزعيم كانت له ولا تزال مكانة خاصة فى التاريخ المصرى والعربي. ما يهم هنا هو أن تعبير «الديكتاتور» تعرض لامتهان كبير، لأن المقابلة تعاملت معه باعتباره أمرا سلبيا، رغم أن التاريخ الإنسانى فى أغلبه كان خاضعا للديكتاتورية؛ وفى الحاضر فإن كفته أكثر رجحانا. المفهوم فى جوهره نظام للحكم صنفه الإغريق بأنه حكم الفرد، وأضافوا له حكم القلة ثم تلاه حكم الشعب.
الأول كان ديكتاتورية والثانى كان الأرستقراطية (وهى ليست حكم أصحاب الدم الأزرق من العائلات المالكة وإنما أصحاب الحكمة والمعرفة) والثالث كانت الديمقراطية التى باتت حكم الشعب بالشعب وللشعب.
وفى التقسيم الإغريقى كانت الديمقراطية أقل نظم الحكم احتراما؛ والديكتاتورية مثل كل النظم السياسية لها مثالبها التى يمكن قياسها بمقدار حكمة القرار ورصانته وقدرته على تحقيق مصالح الجماعة. الأستاذ عبدالله عبدالسلام أضاف الشمولية إلى الديكتاتورية فتكون إيجابية حينما تكون «شمولية» أى شاملة لأيديولوجية أو مشروع قومي.
الديكتاتورية أيضا حالة، فمعظم دول العالم ديكتاتورية أو ديمقراطية تعطى سلطات شبه مطلقة للقائد السياسى فى ظروف استثنائية الحروب والأوبئة، كما أنها أحيانا تكون فارقة فى تقديم الحداثة وبناء الحضارة (محمد على الكبير فى مصر وبطرس الأكبر فى روسيا ولى كوان يو فى سنغافورة، والجنرال بارك فى كوريا الجنوبية، وهيتساو بينج فى الصين).
العصر الحالى جاء بعد موجة العولمة التى أفرزت عددا أكبر من الدول الديمقراطية على الديكتاتورية؛ وما بعد العولمة الراهن الذى جرى فيه العكس حتى فى الدول الديمقراطية التى ضمنت استمرار الحكم لحزب أو رئيس واحد. الحقيقة فى عالمنا الآن أنه بات من التعقيد الذى يستحيل فيه حكم فرد واحد سوف يحتاج دائما جماعة تكنولوجية تساعد فى حل العقد!