بقلم : عبد المنعم سعيد
هذه الحالة «البندولية» بين الحرب والسلام التي تحدثنا عنها بالأمس عاش فيها جيلنا لأزمنة طويلة؛ لعلها بدأت مع حرب 1948 حتى جاءت سلسلة حروب غزة، التي جعلت الحرب الحالية هي الخامسة. كان تعريفها «حالة اللاحرب واللاسلم» التي تعني لا حربا ولا سلاما. التجربة تثبت أن «وقف إطلاق النار» لا يعني إقامة السلام؛ فالأمر أحيانا كثيرة يصبح «هدنة» طالت أم قصرت؛ وقد يكون فرصة لإقامة مناطق محايدة عادة استولت عليها إسرائيل.
وفي وقت من الأوقات كان الاسم هو «فصل القوات»؛ وفي العادة فإن ذلك يعني، كما حدث «فصل القوات» على الجبهتين المصرية والسورية، مجالا للمزايدة بأن خطوط الفصل تعني حدودا إسرائيلية توسعية جديدة.
فشل ذلك في مصر، وانسحبت إسرائيل، وبعدها استعادة مصر «طابا» بالتحكيم الدولي وأصبح السلام المصري الإسرائيلي قائما. علي الجبهة السورية ظل احتلال الجولان سائدا، وفي ولاية الرئيس ترامب الأولي قام بضم الجولان والقدس إلي إسرائيل؛ وعندما دخلت جبهة «تحرير الشام» إلى دمشق نقضت إسرائيل الفصل الموقع في مايو 1974، وزحفت داخل الأراضي السورية، بينما تقوم طائراتها وأسلحتها بتدمير الجيش السوري.
محاولات الإنقاذ والبحث عن السلام كانت كما هو حاضر لا تكف عن إيجاد حل للصراع «العربي - الإسرائيلي» و«الفلسطيني - الإسرائيلي» في قلبه. جري ذلك من خلال الأمم المتحدة مثل القرار 242 الذي قام على مبادلة الأرض المحتلة بالسلام؛ أو في كثير من الأحيان على الجهود الأمريكية التي قامت على أمر إسرائيل بالانسحاب من سيناء (1957)، أو علي الجهد الدبلوماسي كما حدث في «مبادرة روجرز»؛ والآن في «مبادرة ترامب».
ما يجب تسجيله هنا أن الحروب لم تكن فقط بين العرب والفلسطينيين مع إسرائيل، فقد عرفت اليمن حروبا عربية، وعرفت غزو الكويت من قبل صدام حسين ثم حرب تحريرها، فضلا عن حروب أهلية مزمنة؛ وحرب لا تنتهي أبدا متعلقة بالإرهاب. الشرق الأوسط كثر فيه نزيف الدماء.