بقلم : عبد المنعم سعيد
كتبت قبل شهور ــ 8 فبراير ــ عن حدود القوة فى الظروف التى جرت وقتها؛ ومن يعود إلى الموضوع سوف يجد أن ما حدث خلال فترة قصيرة كان كثيرا ولم يكن ممكنا منع انفجار كبير ما لم يدرك طرف أو الأطراف حدود القوة ومدى تأثيرها فى تغيير واقع غير مرغوب. وقتها كان الرئيس دونالد ترامب فى حالة عالية من الافتراء وهو يسجل خلال المائة يوم الأولى أعلى درجات استخدام القوة السياسية داخل الولايات المتحدة وخارجها. أصدر الرجل أعدادا من القرارات الرئاسية التنفيذية غير مسبوقة؛ ودخل فى تحديات مع السلطة القضائية تضعه ومعه الدولة الأمريكية فى ظلال أزمة دستورية؛ واستخدم القوة القصوى فى إخراج اللاجئين والمهاجرين بعد معاملة وجودهم مع حالة الحرب مع دولهم. الأمثلة كثيرة، ولكن هناك ما هو أكثر منها فى الخارج حيث تبين زيف وعود الرئيس بإقامة السلام فى أوكرانيا وغزة؛ وتهافت وعوده بتصحيح التجارة الدولية التى لا تعمل لصالح الأمريكيين. حلم ترامب بأن يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى من خلال مزيج من القوة القصوى والبسيط من السياسة والكثير من التهديد غير فاعلة. ما فعله كانت نتيجته ردة فى رأى الذين انتخبوه، ودخول أمريكا حرب الشرق الأوسط بنفسها ضد قوة ميليشيا فى أفقر دول العالم ــ اليمن ــ وتهافت إمكانية تحقيق سلام فى أوكرانيا؛ بينما الدخول فى حالة عداء مع معظم دول العالم بما فيهم الأصدقاء والحلفاء.
الجديد فى الأمر أن ترامب بعد المائة يوم الأولى بات يدرك أن المعادلة التى أقامها لم يكن لها العائد الذى تصوره وتمناه. المحصلة فى مجملها كان التورط فى حرب لن يكسبها ليس جديدا على الولايات المتحدة؛ كما أن الساحة الداخلية فى أمريكا تحتاج الكثير من الخبرة والحنكة والحركة المحسوبة. باختصار بات على الولايات المتحدة أن تدرك حدود قوتها من ناحية؛ كما تدرك أن العالم قد تغير ولا سبيل إلى اتباع أساليب أخرى.