بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
مازال صعبًا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة وإعادة الأسرى الموجودين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية إلى الكيان الإسرائيلي. تجدد اهتمام إدارة الرئيس دونالد ترامب بهذا الاتفاق منذ وقف الحرب على إيران. ولكن العقبات التى تحول دون التقدم فى الطريق إليه تبقى كبيرة ما لم تغير حكومة نيتانياهو موقفها وتقدم تنازلات لا بديل عنها. فالاتجاه فى هذا الطريق إجبارى لابد أن يمر بتخليها عن تطلعها إلى تفكيك كتائب القسام ونزع سلاحها, وتقديم إدارة ترامب ضمانات مقنعة بأن وقف إطلاق النار لمدة شهرين أو أكثر أو أقل سيقود إلى إنهاء الحرب.
وهذا اتجاه إجبارى لسببين مترابطين. السبب الأول أن قوات الاحتلال استنفدت كل ما لديها من عمليات الإبادة الممنهجة والعشوائية، ولم يعد لديها ما تفعله سوى استمرار القتل والتدمير ومواصلة التجويع. فقد فشلت كل محاولات الضغط على فصائل المقاومة بشكل مباشر فى ميدان «القتال» وبطرق غير مباشرة عبر عمليات الإبادة التى بلغت ذروتها ووصلت إلى منتهاها فى سياسة التجويع وتحويل ما تُسمى مراكز توزيع مساعدات إلى مراكز توزيع القتل بصورة عشوائية. كما أُفشلت حتى الآن على الأقل خطط تهجير أعداد كبيرة من سكان قطاع غزة سواء إلى مصر، أو إلى دول أخري. وبات واضحًا أن الكيان الإسرائيلى لا يستطيع استعادة أسراه بالقوة، أو ما تسميه حكومة نيتانياهو الضغط العسكري، وأن التوصل إلى اتفاق هو السبيل الوحيد للحصول عليهم.
أما السبب الثانى فهو أن قوات الاحتلال فشلت فى تفكيك كتائب عز الدين القسام وغيرها من الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة رغم الضعف الذى حل بها والإنهاك الواضح عليها. أُضعفت هذه الفصائل عسكريًا. وهذا طبيعى بعد نحو 20 شهرًا من حرب إبادة شاملة غير مسبوقة. ولكن ما ليس طبيعيًا بأى حال مطالبة هذه الفصائل بأن تعطى حكومة نيتانياهو طواعيةً ما لم تستطع إحرازه عسكريًا. ولذا يجوز أن يتضمن الاتجاه الإجبارى إلى أى اتفاق بشأن قطاع غزة تخلى حركة «حماس» عن حكم قطاع غزة, ولكن ليس نزع ما بقى لديها من سلاح.