بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
رئيسا حكومتى دولتين كبيرتين استقالا فى الوقت نفسه. ولكن شتان بين السياق الذى استقال فيه كل منهما وعلاقته بالنظام الديمقراطى فى الدولتين. استقالة رئيس الوزراء اليابانى شيجيرو إيشيبا تفتح الباب أمام إصلاح وتغيير مطلوبين. أما استقالة رئيس الوزراء الفرنسى فرانسوا بايرو فلم تؤد حتى الآن سوى إلى استمرار الوضع الذى فرض عليه أن يستقيل بلا إصلاح أو تغيير. توجد قواسم مشتركة بين استقالتى رئيسى الحكومتين. فقد استقالا اضطرارًا وليس اختيارًا. كما أن كلاً منهما لم يمض سوى أقل من عام فى منصبه (إيشيبا من أول أكتوبر 2024 إلى 7 سبتمبر 2025، وبايرو من 13 ديسمبر 2024 إلى 9 سبتمبر 2025). أما القاسم المشترك الأهم بين حالتيهما فهو أن كلاً منهما اضطر إلى الاستقالة لأسباب تتعلق بأداء النظام الاقتصادى والمالى. لم يشفع لإيشيبا نجاحه فى التوصل إلى اتفاق جيد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية. فقد خسر الحزب الليبرالى الديمقراطى 19 من بين 66 مقعدًا برلمانيًا أُجريت انتخابات إعادة لشغلها، ثم خسر انتخابات الغرفة الثانية فى البرلمان، الأمر الذى دفع عددًا متزايدًا من قادة الحزب ونوابه وأعضائه للمطالبة باستقالة إيشيبا، ففعل وأعلن مسئوليته عن تراجع وضع الحزب. أما فى فرنسا فقد ارتفع حجم الدين العام إلى نحو 114% من إجمالى الناتج المحلى، فقدمت حكومة فرانسوا بايرو ميزانية تقشفية لتوفير نحو 44 مليار دولار. فكان أن تحالف ضمنيًا تكتلا المعارضة الأساسيان، مما أدى إلى حجب الثقة عن حكومته بأغلبية 364 نائبًا مقابل 194 فقط. ولكن الفرق المهم بين الحالتين أن استقالة إيشيبا تُظهر أن النظام الديمقراطى اليابانى يعمل بشكل جيد ويستطيع تصحيح الأخطاء، بخلاف النظام الديمقراطى الفرنسى العريق الذى يعانى جمودا سياسيا. ستُجرى فى اليابان انتخابات داخل الحزب الحاكم لاختيار رئيس جديد له يُفترض أن يتبع سياسة مختلفة بعد الاستماع إلى أحزاب المعارضة. وفى المقابل أصر الرئيس الفرنسى على مواصلة استبعاد المعارضة، وأسرع إلى تعيين وزير الجيوش فى الحكومة المستقيلة سباستيان لوكورنو رئيسًا للحكومة الجديدة دون الاستماع إلى وجهات نظر معارضيه.