بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
حظيت العلاقة بين الرواية والسينما، ولا تزال، باهتمام واسع من جانب الروائيين والسينمائيين والنُقاد. قرأت قبل أيام تحليلاً جميلاً لهذه العلاقة كتبته الكاتبة والناقدة السورية ندى الأزهرى فى أحد المواقع الصحفية. ملخص تحليلها أن السينما والرواية تنتسبان إلى نوع فنى واحد، إذ يعتمد كل منهما على السرد أو الحكاية. ولكن أهمية تحليلها تعود إلى رؤيتها القاسم المشترك بين الرواية والسينما. فالمنتَج فى كل من الحالتين مجموعة أحداث لا يمكن لأى منها أن يوجد بمعزل عما يسبقه وما يتبعه. وهذا المشترك هو ما يتيح تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي. وقد حدث كثيرًا فى السينما العالمية، كما فى السينما العربية. ولكن هذا القاسم المشترك ينبغى ألا أن يحجب عنا فرقًا مهما بين السينما والرواية. يتعلق هذا الفرق بدور القارئ والمشاهد. فالقارئ شريك أساسى فى العمل الروائي، ولديه حرية قراءة النص الروائى دفعة واحدة أو على مراحل، ويمكنه كذلك أن يعيد كتابة الرواية فى عقله عند قراءتها. ولا تتوافر هذه الحرية إلا قليلاً للمشاهد عندما يتفرج على فيلم سينمائى فى دار عرض، وإن أمكنه أن يحظى بقدر أكثر من هذه الحرية إذا شاهده وهو جالس فى منزله، إذ يستطيع مشاهدة جزء منه والانصراف إلى شىء آخر ثم العودة إليه. دفعنى الاطلاع على هذا المقال للعودة إلى كتاب من كتب توفيق الحكيم المنسية كنتُ قد قرأته منذ فترة طويلة هو كتاب «الفن والأدب» الصادر عام 1952. الكتاب يعد قديمًا بالنظر إلى التطور الكبير الذى حدث فى الرواية والسينما على مختلف المستويات. ولكنه يلمس بُعدًا مهمًا لا يبدو أن تغييرًا كبيرًا حدث فيه هو أن معظم كتاب الرواية لا يحبون تأليف سيناريوهات للسينما. كما أن الأفكار التى طرحها الحكيم فيه تستحق التأمل، ومنها مثلاً أن من يسميه الكاتب الحق «لا يلذ له تأليف سيناريو للسينما لأنها تُخضع كل شيء لإرادة المخرج». والحال أن ما بين الرواية والسينما من اتصال كان، وسيبقي، موضع نقاش لا ينتهي.