الأساس الوطني لمشاريع المقاومة

الأساس الوطني لمشاريع المقاومة

الأساس الوطني لمشاريع المقاومة

 العرب اليوم -

الأساس الوطني لمشاريع المقاومة

بقلم : عمرو الشوبكي

ابتذل البعض تعبير «وطني» ووظفه في السجالات السياسية الحميدة وغير الحميدة، ومع ذلك هناك معنى حقيقي للكلمة تمثله المصالح الوطنية العليا لكل دولة، وتاريخ مشترك لشعبها يجعل شعورهم الوطني واقعاً معيشاً أكثر منه شعاراً آيديولوجياً.

والحقيقة أن الجدل الذي شهدته أكثر من ساحة عربية حول شرعية وجود سلاح للمقاومة خارج سلطة الدولة وفي بلاد غير محتلة، تركَّز مؤخراً في لبنان بين جانب كبير من البيئة الحاضنة لـ«حزب الله»، والغالبية العظمى من باقي المكونات اللبنانية.

والمؤكد أن كثيراً من بلدان العالم الثالث شهدت تجارب مقاومة ضد الاحتلال، مختلفة الصور والوسائل، فمن المقاومة اللاعنفية على يد غاندي في الهند، مروراً بالمقاومة الشعبية والمسلحة في جنوب أفريقيا، وانتهاءً بحرب التحرير الشعبية في الجزائر، ظلت المقاومة حقاً أصيلاً للشعوب المحتلة، وحتى لبنان شهد مقاومة مسلحة لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2000 ولعب فيها «حزب الله» دوراً رئيسياً كان محل توافق من مجمل اللبنانيين.

والحقيقة أن «حالة المقاومة» في مختلف التجارب ظلت مشروعة ومنتصرة رغم فارق القوى بين جيوش المحتلين وتنظيمات المقاومة، إلا أن الأساس الأخلاقي وقف دائماً مع مقاومي الاحتلال، وجعل انتصارهم شبه حتمي في كل تجارب المقاومة الوطنية في العالم.

ومن هنا فإن مبدأ المقاومة في حالة فلسطين يظل مشروعاً، حتى لو اختلف الناس حول الوسيلة الأنسب لمواجهة الاحتلال، وهل هي المقاومة المدنية أم المسلحة؟ وهل عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) كانت وسيلة ناجعة في ردع الاحتلال وإعادة إحياء القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، أم أنها كانت خطأ ومسؤولة عن المآسي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني؟

الأساس الوطني والأخلاقي والسياسي للمقاومة في فلسطين مشروع، حتى لو اختلفنا مع مشروع «حماس» وأدواتها كلياً أو جزئياً؛ لأن هناك احتلالاً استيطانياً جاثماً على صدور الشعب الفلسطيني، أما الادعاء في بلد غير محتل مثل لبنان أن هناك مشروعية لوجود مقاومة مسلحة فأمر لا يمكن قبوله ولا تخيله؛ لأن الموضوع يجب أن ينتقل من نقاش حول المقاومة إلى نقاش حول مدى مشروعية امتلاك فصيل لبناني عتاداً وسلاحاً حربياً خارج سلطة الدولة، ويفرض على كل اللبنانيين الدخول في حرب يرفضونها مع إسرائيل، تحت حجة أنه فصيل مقاوم.

صحيح أن إسرائيل دولة عدوانية معتدية، وصحيح أن لها مطامع في كثير من الدول العربية، ولكن المؤكد أن حسابات «حزب الله» لم تكن فقط من أجل مواجهة أطماع إسرائيل ودعم فلسطين، إنما كانت أيضاً امتداداً للحسابات الإيرانية والرغبة في الهيمنة على القرارَين السياسي والعسكري اللبنانيَّين، وإلا لاعتبر الحزبُ قوته المسلحة تابعةً للجيش اللبناني، تأتمر بقيادة الدولة، في حال تعرُّض البلاد لهجوم خارجي، لا أن يورطها في حرب يرفضها اللبنانيون.

الأساس الوطني لمشاريع المقاومة شرط لاعتبارها مقاومة، فإذا لم يكن البلد محتلاً عسكرياً من دولة أجنبية، فلا يوجد ما يبرر وصف أي فصيل مسلح بأنه «مقاوم»، ومن هنا تصبح قضية سلاح «حزب الله» عقب عام 2000 خارج أي تصنيف لكل تجارب المقاومة في العالم.

لقد استخدم سلاح «حزب الله» في معركة «إسناد» لدعم غزة، وتخفيف الضغط على الشعب الفلسطيني تحت لافتة «المقاومة»، والنتيجة أنه لم يفد غزة، وخسر لبنان، وفقد الحزب معظم قادته وقدراته العسكرية ومئات من عناصره، وصار مطلوباً منه نزع سلاحه والتسليم بالشروط الجديدة التي طالب بها أغلب اللبنانيين قبل أن تفرضها أميركا والمجتمع الدولي.

والحقيقة أن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: لو كان لبنان محتلاً من دولة أجنبية، وكان «حزب الله» يقاوم بالسلاح هذا الاحتلال... هل كان أغلب اللبنانيين سيرفضون مقاومته؟ المؤكد أن الإجابة ستكون «لا»، وأن أساس المقاومة المدنية أو المسلحة هو بحكم التعريف أساس وطني نابع من وجود احتلال عسكري مباشر للبلد، أما صور التضامن والإسناد لشعوب شقيقة أو مظلومة فهي واسعة، وتشمل كل الأدوات المدنية والقانونية والإنسانية، وليست المسلحة.

معضلة «حزب الله» ليست في إيمان كثير من عناصره بالقضية الفلسطينية، ولا نبل مقاصد البعض الآخر في رفض عدوانية إسرائيل، إنما في الصيغة التي أسس عليها مشروعه، وفي إصراره على وصف سلاحه بأنه «سلاح مقاوم»، ليعطي له حصانة تجعل تسليمه لهذا السلاح وكأنه تخلٍ عن الوطنية أو شرف المقاومة، وغيرهما من الشعارات التي وظفت في السياسة وليس المقاومة.

المراجعة الجراحية المطلوبة تتعلق بصيغة «حزب الله» وهي أمر يحتاج إلى نقاش غير حزبي ولا سجالي بين بعض النخب المتعاطفة مع «حزب الله»، ونظرائهم من المعارضين للحزب للنقاش حول صيغة جديدة للحزب تعيد تموضعه بعيداً عن حصانة الحزب المقاوم.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأساس الوطني لمشاريع المقاومة الأساس الوطني لمشاريع المقاومة



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab