بقلم:عمرو الشوبكي
ظل أساس النظام الانتخابى فى مصر، منذ إعلان الرئيس السادات نظام التعددية المقيدة فى ١٩٧٦، يقوم على ضمان أغلبية الثلثين لحزب الدولة الحاكم، دون أن يعنى ذلك غياب التنافسية عن الانتخابات، سواء جرت الانتخابات وفق النظام الفردى، أو المختلط عبر القوائم النسبية والفردى.
فقد عرفت البلاد تنافسًا سياسيًا بين القوى المدنية والتيار الإسلامى، وبين أحزاب المعارضة والحزب الحاكم، بجانب تنافس آخر بين العائلات ورجال المال، حتى لو غابت عنه السياسة.
ويمكن القول إن الأغلبية المضمونة فى الانتخابات التشريعية لأحزاب الدولة والموالاة لم تحل دون وجود انتخابات تنافسية تجذب المواطنين للمشاركة فى العملية السياسية والانتخابية وتعوض ضعف الأحزاب وغياب المحليات حتى اختفت.
والحقيقة أن السؤال المطروح ما هى المؤسسات الوسيطة بين السلطة القائمة والمواطنين فى ظل غياب المحليات وضعف الأحزاب وتدنى نسب المشاركة فى العملية الانتخابية حتى غابت عنها التنافسية؟.
والواقع أن النظم الديمقراطية معروفة طبيعة وسائطها بين السلطة والمواطنين، فهناك الأحزاب والمحليات والنقابات والمجتمع المدنى كوسائط آمنة بين الحكام والمحكومين، وهناك عملية تداول سلمى للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية تضمنها دولة قانون. أما نظام الحزب الواحد مثل الصين، فإن حزبها الشيوعى الحاكم يضم نحو ٩٠ مليون عضو، أى نحو ٥٪ من عدد السكان، ويشهد نقاشا حيويا حول قضايا السياسات العامة من صحة وتعليم ومواصلات، حتى لو كانت أمور السياسة العليا وانتخاب الرئيس ترتب فى دوائر ضيقة، ولكن يبقى لأعضائه فى القرى كما فى المدن الحق فى اقتراح سياسات بديلة بحيوية واضحة، خاصة فيما يتعلق بمشاكلها اليومية.
ومن هنا سنجد أن مختلف النظم السياسية حرصت على أن تبتكر وسائل للتواصل مع مواطنيها لتضمن لهم المشاركة فى مسار سياسى وانتخابى قانونى آمن يساعد على الاستقرار، ويخرج التفاعلات التى تجرى فى بطن المجتمع إلى العلن.
والحقيقة أن هذه المساحة التى تعطيها مختلف النظم السياسية لمواطنيها ليس هدفها فى كل الأحوال تداول السلطة، إنما تعنى مشاركة المواطن فى الشأن العام وفى القضايا التى تخصه، سواء عن طريق اختيار ممثليه فى البرلمان من خلال عملية انتخابية تنافسية، أو ممثليه فى المجالس المحلية والبلدية، أو عن طريق الانضمام إلى أحزاب فاعلة تشكل حكومة أو تسقطها كما فى كثير من نظم التعددية المقيدة.
مشكلة القانون المقترح للانتخابات فى مصر أنه بلا مضمون تنافسى وسيعمق من انسحاب المواطنين من المشاركة فى العملية الانتخابية، فالقوائم الأربع المطلقة التى لا ينافسها أحد بجانب الـ ٥٪ التى يعينها الرئيس وفق الدستور ستجعل ٥٥٪ من أعضاء البرلمان معينين، إذا أضفنا أن الدوائر الفردية المترامية ستكون للمرشح الأكثر ثراء وقدرة مالية، وستتراجع فيها التنافسية لأدنى حد، وهذا أمر خطر يجب مراجعته.