بقلم : عمرو الشوبكي
الاحتفال بصدور كتاب المهندس صلاح دياب «هذا أنا» كان مناسبة ليس فقط لعرض جانب من سيرة الرجل، ولا مناقشة المحطات الرئيسية فى حياته ولا ثراء الشخصية وتنوعها، والأنشطة المهنية والتجارية المختلفة التى مارسها فى حياته كمهندس ورجل أعمال ناجح اشتغل فى الزراعة والصناعة والبترول حتى صار خبيرا عالميا فى هذا المجال.
هنا كان يمكن أن نكون أمام سيرة عادية «بلا بريق» لرجل أعمال ناجح، مثل كثيرين غيره كتبوا سيرهم الخاصة وأسهبوا فى الحديث عن نجاحاتهم وثرواتهم، وبعضهم أضفى جانب «ميلودرامى» على رحلته فى عالم المال والأعمال وكيف أنه بدأ عصاميا وكيف تحمل وعانى حتى وصل إلى ما هو فيه من جاه ومال.
والحقيقة أن صلاح دياب لم يكن رجل أعمال تقليديا ولا نموذج النجاح الذى قدمه هو فقط فى البيزنس إنما بريقه وحضوره، بل ودوره فى المجال العام، يرجع لاشتباكه مع الصحافة والتى بدورها اضطرته لأن يشتبك مع السياسة.
اختار الرجل أن يؤسس صحيفة «المصرى اليوم» ليس بمنطق رجل الأعمال الذى يبحث عن مزيد من الأرباح أو مزيد من النفوذ تحققه له الصحيفة الناشئة، إنما اختار أن يؤسس صحيفة خبر مهنية تنال ثقة قرائها، وتسمح لكتابها بأن يعبروا عن آرائهم بشكل حر وفق سقف الدستور والقانون.
«المصرى اليوم» كان فيها كثير من شخصية الرجل، فحملت روح المغامرة المحسوبة (فى أغلب الأحيان) وتقديم الجديد وفهم لطبيعة القارئ واهتماماته وظروف البلد وسمحت بوجود تنوع حقيقى بين كتابها، ولكنها على خلاف تجارب إعلامية جرت مع غيره قبل «المصرى اليوم» وبعدها، فإنها لم تكن «ذراع إعلامى» لشركات المال تصفى بها حسابات مع س أو ص، أو صحيفة مسالمة باهتة تسير جنب الحيط، ولأن «المصرى اليوم» لم تكن كذلك فدفع المهندس صلاح أثمانا لم يدفعها أقرانه من رجال الأعمال الذين أسسوا منصات إعلامية لتكون «متحدثا رسميا» لأصحاب السلطة والنفوذ.
استقلالية «المصرى اليوم» ولو النسبية ومهنيتها وإيمانها بتنوع الأفكار والآراء جعلها دائما تتمتع بوضع خاص، فهى ليست صحيفة حكومية ولا معارضة، وأن معنى أنها صحيفة خبر أنها تنطلق من أن المعلومة أو الواقعة لا تلون ولا تشوه ولا تحرف، وأن اختيار أى الأخبار التى تكون فى «المانشيت» أو الصدارة أمر تحدده السياسة التحريرية للصحيفة.
علاقتى بالكتابة فى «المصرى اليوم» كانت منذ البداية دون توقف، فمن كاتب مقال أسبوعى إلى مقال وعمود إلى كاتب عمود وهى رحلة ممتدة منذ نحو 20 عامًا اختلفت فى بعض الأمور، وشهدت فيها البلاد والعباد تحولات كثيرة وواجهت «المصرى اليوم» عواصف عاتية ولكنها بقت واستمرت ولاتزال تراهن على المستقبل.