مشكلة العنوسة 2  2

مشكلة العنوسة (2 - 2)

مشكلة العنوسة (2 - 2)

 العرب اليوم -

مشكلة العنوسة 2  2

عمار علي حسن

اشتهر توفيق الحكيم بأنه عدو النساء، لكنه تزوج بشروط، والفيلسوف الألمانى شوبنهاور، الذى كره النساء لأنه رأى فى طفولته أمه وهى تخون والده، ندم فى آخر عمره على هذا الشعور الزائف الذى سيطر عليه حين قابل ممرضة طيبة حسناء وهو يرقد متهالكاً فى الثمانين من عمره بأحد المستشفيات، والعقاد الذى كان أشهر العزاب لم يستطع أن يستغنى عن المرأة، فهى فى تجربته سارة اللعوب، ومى زيادة التى عشقها، وهنومة (الفنانة مديحة يسرى) التى أحبها بينما كان شيخاً كبيراً وهى فتاة فى مقتبل المراهقة. وجرّب الكاتب الغربى هافلوك إلسن ما سماه نظرية «الزواج الانفصالى» التى تقوم على أن يبقى كل من الزوجين فى بيته ويمارس حياته منفصلاً عن الآخر ويلتقيا فقط حين يحتاج كل منهما إلى جسد الآخر. وفشلت هذه النظرية بشكل مزر، فإلسن نفسه سقط فى علاقة شاذة محرمة مع شاب يافع، وزوجته وقعت هى الأخرى فى غرام رجل آخر.

ومع ذلك فبعض هذه التصورات أو مسائل مشتقة منها أو قريبة الصلة بها لا تزال تؤثر على الثقافة العامة فى مجتمعنا نحو الزواج، وشجع على ذلك انفتاح المجتمع وتفسخه، واشتداد الظروف الصعبة التى تُحكم قبضتها عليه، والتى بلغت حد أن يسارع بعض الشباب فى صعيد مصر إلى الزواج من أوروبيات طاعنات فى السن بحثاً عن تأمين مستقبلهم المادى، ويرى بعض الشباب فى بلاد الخليج العربى مثلاً فى العلاقات خارج الزواج ما يسرى عنهم ويؤخر حاجتهم إلى تكوين أسرة.

وجاءت بعض أفكار الحركة النسائية الحديثة لتزيد الطين بلة. ففى بلادنا هناك منظمات ومؤسسات تدعو إلى سن قانون يمنع تعدد الزوجات، ومنع الطلاق، دون النظر إلى أن تضييق الطلاق قاد مسيحيين إلى تغيير ملتهم أو ديانتهم، وجعل بعض الشباب يهرب من الزواج بدعوى أنه سجن أبدى، ودون تدبر فى أن التعدد، وهو استثناء وليس قاعدة، سنة حياتية تراعى ظروف البعض واحتياجاتهم، ولا تؤسس بالضرورة فى كل الحالات لوضع أشبه بما كان عليه «المعلم نونو» فى رواية نجيب محفوظ الرائعة «خان الخليلى» الذى كان يحتفظ بأربع زوجات فى شقة واحدة، لكل منهن غرفة تخصها، ويعشن معه فى هناء ورضاء.

إن من المؤسف أن تنجح جماعة متطرفة مثل «التكفير والهجرة» فى حل مشكلة العنوسة حين تمكن أميرها شكرى مصطفى من إلغاء الفوارق الطبقية وتقليل الاحتياجات المادية إلى أدنى مستوى بين الفتيات والفتيان من أتباعه، بينما يتعثر مجتمعنا على هذا الدرب ولديه إطار دينى معتدل ومحكم وواضح فى تيسير الزواج، وخبرات وتقاليد شرقية نجحت نجاحاً مبهراً على مدار قرون طويلة فى القضاء على مشكلة العنوسة، بينما أخفقت النظريات الحديثة فى حلها، لا سيما مع تحول التدين إلى ولع بالقشور وانغماس فى الطقوس وتغافل عن الجواهر العامرة بالقيم والمعانى العميقة، وكذلك مع انبهار البعض لدينا بالنموذج الاجتماعى الأوروبى، مع أنه لم يكتمل إلى الآن ولم ينجح فى مواجهة المعضلات التى تعترض طريقه، بالدرجة نفسها التى نجح فيها النموذج السياسى الغربى الذى أنتج الديمقراطية، وهى أرقى وأفضل نظم الحكم إلى الآن.

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشكلة العنوسة 2  2 مشكلة العنوسة 2  2



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab