صراع الماضي في اليمن

صراع الماضي في اليمن

صراع الماضي في اليمن

 العرب اليوم -

صراع الماضي في اليمن

عمار علي حسن

فى عام 2004، صدر لى كتاب صغير بعنوان: «التحديث وتفكيك البنى الاجتماعية التقليدية: حالة اليمن»، درست فيه محاولة هذا البلد العربى القديم جداً أن يدخل إلى آفاق العصرنة، متخلصاً من رواسب الماضوية التى تشده بقوة إلى الخلف حيث الحضور الطاغى للتقسيمات الاجتماعية التقليدية بتشكلاتها القبلية والطائفية والفئوية، وبعض المظاهر التى لا تخلو من غرائبية مثل «الجنبية»، و«الرهينة»، و«القات».

ولعل هذا المسار يقدم اقتراباً علمياً لتفسير جانب مما يجرى فى اليمن حالياً، حيث قامت ثورة شعبية من أجل إخراج البلاد من إسار الماضى، لكنها اصطدمت بعراقيل قوية آتية من أعماق هذا الماضى، فتعثرت، وأتاحت فرصة لثلاثة أطراف كى تتصارع على سرقتها، وهى:

1- الإخوان الذين تصرفوا فى اليمن كما تصرفوا فى غيره، متوسلين بالثورات والانتفاضات كى يحققوا مشروعهم الذى ينتمى إلى الماضى وليس المستقبل الذى أراد الثوار بناءه.

2- الحوثيون الذين رفعوا شعار «الثورة مستمرة» خلفهم وزحفوا إلى صنعاء تحت ستار مطالب اجتماعية تتعلق بالدعم والأسعار والفقر حتى تمكنوا من العاصمة وأصدروا إعلاناً دستورياً اختطفوا فيه السلطة باسم الثورة.

3- كل الإمكانات المرتبطة بالرئيس المخلوع على عبدالله صالح الذى ظل من خلال الجيش والقبيلة يطرح نفسه بشكل متدرج ومتفاوت فى كل الحلول إلى أن أصبح طرفاً ظاهراً فى الصراع، ويبذل قصارى جهده، بالسلاح والسياسة، فى سبيل أن يكون فى قلب أى تسوية سياسية مقبلة، أو لا يتم وضع حد لنفوذ الحوثيين إلا من خلاله.

وهذه الأطراف تستدعى وتوظف الماضى بتشكلاته وإمكاناته وحمولاته التقليدية التى لم يتم تفكيكها أو التقليل من آثارها، لا سيما تلك المرتبطة بالقبيلة والسلاح. والإخوان إن كانوا يطرحون أنفسهم من خلال مؤسسة حديثة تتمثل فى «حزب سياسى» إلا أن هذا الحزب هو شكل حديث فقط، بينما المضمون تقليدى سواء على مستوى البناء، حيث تنتمى الجماعة فى تكوينها وتراتبيتها إلى نمط قديم، أو على مستوى الخطاب، حيث تريد أن تستعيد نظاماً سياسياً واجتماعياً لم يعد صالحاً لزماننا.

واتباع هذا المسار فى التحليل ينتهى بنا إلى القول باطمئنان إن الصراع الحقيقى فى اليمن حالياً هو بين قوى الثورة المضادة بالأساس، سواء بإمكاناتها المحلية، أو بالأطراف الإقليمية والدولية التى تغذيها.

ويزيد الطين بلة أن الطرفين اللذين يدخلان الصراع تدريجياً فى الوقت الراهن، ويجدان فرصاً سانحة لتحقيق أهدافهما ينتميان إلى الماضى أيضاً، وهما: القاعدة وملحقاتها من «السلفية الجهادية» والحراك الجنوبى الذى يعمل على انفصال جنوب اليمن عن شماله.

وهذا معناه أن كل الصراع فى اليمن ضد ولادة مستقبل للبلاد، يفارق الماضى ولو بشكل متدرج، ويبنى مشروعه التحديثى ولو على مهل. ومن أسف لا تلوح فى الأفق أى بوادر لهذا المشروع الذى حلم به الثوار وحوله الصراع على السلطة إلى كابوس تحضر فيه كل أشباح الماضى.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع الماضي في اليمن صراع الماضي في اليمن



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab