الدين ومعاركنا الفكرية 2 2

الدين ومعاركنا الفكرية (2 -2)

الدين ومعاركنا الفكرية (2 -2)

 العرب اليوم -

الدين ومعاركنا الفكرية 2 2

عمار علي حسن


5- من الضرورى أن يثق المتدينون فى عقيدتهم، ويؤمنون بأنها أقوى دوماً من أن ينال منها رأى، أو يهدمها فكر. ولقد برهنت مسيرة الحياة أن الإسلام فى جوهره ونصه المؤسس، وهو القرآن وما يوافقه ويمتثل له من الأقوال المنسوبة للرسول عليه الصلاة والسلام، وبعيداً عن تنطع المتطرفين والمتكلسين الذين يضفون قداسة على ما تركه الرعيل الأول من الفقهاء والتراثيين، لم تضره السهام التى رُمى بها، بل زادته منعة وقوة، لأنه ينطوى على بساطة فى العقيدة تتأسس على الإيمان بوحدانية الله، وكمال صفاته الحسنى، والعلاقة المباشرة بين الإنسان وربه، وعدم إغفال النية، مع ترك الحكم عليها لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، ومسئولية الإنسان عن أفعاله، إذ «لا تزر وازرة وزر أخرى»، علاوة على مواكبة قواعد وأحكام الإسلام للفطرة الإنسانية.

كما بان برهان على أن الإلحاد خطأ، منذ أن قدم العلم حججاً عقلية تجريبية لما جاءت به الأديان السماوية فى خلق الكون، بعد أن أثبتت النظريات التى تلت «نسبية آنشتين» أن للكون عمراً، أى أنه مخلوق، وليس أبدياً، كما كان يدعى الملحدون. ومن ثم فإن القابضين على دينهم، المؤمنين بربهم، عليهم أن يتساموا فى مواجهة أى رأى، يرون فيه شبهة تجديف بالدين، ويتصرفون من منطلق أن ما هم عليه أقوى من أن تهزه سطور عارية فى رواية أو قصيدة، أو أفكار خارجة بين دفتى كتاب، أو أى عمل ثقافى آخر. وعليهم فقط أن يبحثوا فى الدين عما يدحض ما يطرحه مخالفوهم فى الرؤية والتصور الإيمانى، وأن يطلبوا من الله لهم الهداية، دون أن يتحول المؤمنون إلى قائمين مقام الله سبحانه وتعالى فى الحكم على نوايا عباده، ومحاسبتهم عما يدور فى طويتهم.

6- إن إحالة الخلافات الفكرية والفقهية إلى ساحات القضاء هى العجز بعينه، ففى أغلب الأوقات لم يكن القضاء مؤهلاً للنظر فى مثل هذه القضايا، فجاءت الأحكام قاصرة مبتسرة، تنطوى على جهل بمعنى ومبنى الأفكار محل الخلاف. وفى أوقات أخرى لم يكن القضاء بعيداً عن الضغوط السياسية والاجتماعية فى فضه لهذا النوع من المنازعات، فجاءت أحكامه جائرة. والأفضل أن يتم تكوين لجان محايدة، يتم اختيار أعضائها حسب كل قضية، تدرس الأفكار التى تثير جدلاً، وتدلى برأى شامل فيها، ينهى التنازع، ويريح النفوس، ويجلى العقول التى تستغلق أحياناً أمام الفهم، وتنقاد لطيش أعمى.

7- إن بعض المعارك الفكرية قامت نظراً لجمود الفقه الإسلامى، والوقوف عند ما أنتجه الرعيل الأول من العلماء والاكتفاء به، من جهة، والخلط بين «الإلهى»، و«البشرى» من جهة ثانية. وقد آن الأوان لفقه جديد، والتفريق بين الإلهى والبشرى فى النصوص، فلا قدسية إلا للقرآن الكريم والأحاديث القدسية، وما ثبت صحته من الأحاديث النبوية بعد قياسها على المبادئ والأحكام التى جاءت فى النص الأول والمؤسس وهو القرآن، وعلى المقاصد العامة للشرع الإسلامى. أما الاجتهادات التى أنتجتها حركة الفقه منذ صدر الإسلام وحتى اللحظة الراهنة، فهى عمل بشرى، بعضه لا يصلح مطلقاً لزماننا، ولا يجب أن يحاط بهالة مقدسة، ولا يتمتع منتجوه بعصمة، ولا يكتسب أهميته إلا من زاوية أنه جزء من تاريخ الفقه، وفى بعضه ما يرشد إلى فهم قضايا دينية معينة، دون أن ينسحب هذا على جميع الفقه وكل القضايا.

8- من الخطر أن تتم تعبئة العوام خلال المعارك الفكرية، أو استغلالهم فى ترجيح رأى على آخر، أو إرهاب صاحب فكر، فهذه القضايا تكون من التعقيد بما لا يمكن لعامة الناس أن يحيطوا بها كاملة، ومن ثم فإن إشراكهم فى المعركة، يزيد الأمور حرجاً، ويسوق أهل الرأى فى اتجاه ترضية الناس وكسبهم، وليس فى طريق الانتصار للحق والحقيقة. ولأن رأى العوام يميل دوماً إلى المحافظة، وينزع إلى التمسك بما هو سائد، فإن فرص إحداث تراكم معرفى أو تقدم فكرى تتضاءل. فى الوقت نفسه، فليس المطلوب من أصحاب الرأى، أياً كانت مواقفهم وتصوراتهم، أن يصدموا الناس فيما يعتقدون، ففى هذا اعتداء على حريتهم، وإضرار بسلامتهم النفسية.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين ومعاركنا الفكرية 2 2 الدين ومعاركنا الفكرية 2 2



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab