إنقاذ ما تبقى من العرب 22

إنقاذ ما تبقى من العرب (2-2)

إنقاذ ما تبقى من العرب (2-2)

 العرب اليوم -

إنقاذ ما تبقى من العرب 22

عمار علي حسن

وقبل أن نجد العراق وسوريا وليبيا واليمن على شفا التفكك فى المشهد الراهن، كان العالم العربى يؤتَى من أطرافه، فى سير سريع ومخيف نحو سقوط روايته الكبرى التى دارت حول «القومية»، أو «الأمة الواحدة»، التى تتأسس على وحدة اللغة والتاريخ والجغرافيا وديانة الأغلبية الكاسحة بالإسلام.

فالصومال انقسم إلى دولتين، إحداهما لم تنل اعترافاً سوى من الجارة إثيوبيا، والأخرى ممزقة ضعيفة ومرشحة لمزيد من التراجع والانهيار. والعراق إن لم يحدث توافق سياسى بين ما به من طوائف وأعراق، فقد ينقسم، حتى ولو من الناحية النظرية، إلى ثلاث دول، أو يعيش فى دولة واحدة تنتظر الانقسام أو تتجدد ثقافة التفتت والانشطار بين العراقيين، فينسون مع الزمن أنهم كانوا بلداً واحداً. ولبنان، إن لم تستقر أحواله فمرشح هو الآخر للانقسام إلى دولتين أو ثلاث «مسلمة» و«مسيحية» و«درزية»، أو على الأقل ينحدر إلى ضغائن سياسية واجتماعية تمنعه من التقدم، وتجعل كل همِّه لملمة جراحه الداخلية والرضا بالعيش كسيحاً. والسودان إن لم تنجح اتفاقية نيفاشا بين الحكومة وما يُسمى «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، ولم تتمكن الخرطوم من حل مشاكل الفور فى الغرب والبجة فى الشرق، ومواجهة تداعيات قرار مجلس الأمن رقم 1593 الذى يدعو إلى محاكمة من وصفهم بمرتكبى جرائم حرب فى دارفور، فمرشح هو الآخر للتفتت إلى أربع دول. والمغرب يقاوم، بإصرار وعزيمة، قيام دولة مستقلة فى «الصحراء الغربية»، لكنه لم يتمكن، إلى الآن، من ضمّها مادياً ومعنوياً إلى رحاب المغرب وترابه، لاستقواء البوليساريو بالخارج، وعدم وجود عناصر داخلية فاعلة يمكن أن تقود إلى حل وسط لهذه المشكلة، بما ينهيها ويجعلها فى ذمة التاريخ.

وإذا قلنا إن مشكلة الأمازيغ فى الجزائر يتم حلها تدريجياً مع التطور السياسى الديمقراطى للبلاد، وأوضاع الشيعة فى البحرين قابلة للتسوية مع النـزعة السياسية الجديدة للنظام الحاكم، والتى تطرح حلاً سياسياً، وليس أمنياً، لهذه المشكلة، تصبح الكتلة العربية السليمة نسبياً، هى مصر ودول مجلس التعاون الخليجى ودول المغرب العربى.

وحتى يواجه العرب مخطط تذويبهم فى كيان أوسع، وإنهاء الوجود السياسى لنظامهم الإقليمى، حتى ولو فى وضع ضعيف، يجب أن تحافظ هذه الكتلة البشرية وذلك الامتداد الجغرافى على تماسكه، وبخاصة مع استمرار العوامل التقليدية المعروفة لهذا التماسك، من لغة وتاريخ وأغلبية كاسحة تدين بالإسلام، فضلاً عن التلاصق المكانى، الذى لا يقطعه سوى نتوء أرضى غريب يُسمى إسرائيل. فإذا بقيت تلك البقعة وفيّة لـ«الوطن العربى» أو حتى «العالم العربى»، كما يحلو للواقعيين أن يصفوه، فبإمكانها أن تستعيد الكتلة الجغرافية التى يؤتَى عليها الآن، والمتمثلة فى الأطراف، التى تم تحديدها سلفاً.

لكن بلوغ هذه الأمنية لا يكون بالكلام، ولا باستمراء أحلام اليقظة، التى طالما خدرت الذهن العربى ونوّمته عقوداً طويلة، حتى انتهى به الحال إلى أن يصبح وجبة طرية على مائدة اللئام، يريد كل منهم أن يخطف منه أكبر جزء ويلتهمه، طالباً المزيد.

لقد تربت أجيال بأكملها على أن التعاون والتنسيق والتقارب والتفاهم والترابط والتوحد العربى مسألة لا غنى عنها، وفى ظل ما يجرى الآن فى بعض البلدان العربية، لا بد من فتح هذا الملف بكل وضوح وشفافية، وبلا تردد، وأعتقد أن جامعة الدول العربية عليها دور كبير ننتظره على هذا الدرب، وأتصور أن بناء «الكتلة العربية الحية» بات ضرورة، وإلا سيضيع ما تبقى.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ ما تبقى من العرب 22 إنقاذ ما تبقى من العرب 22



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab