الخيار الأسوأ ماذا لو فشل التفاوض

الخيار الأسوأ.. ماذا لو فشل التفاوض؟

الخيار الأسوأ.. ماذا لو فشل التفاوض؟

 العرب اليوم -

الخيار الأسوأ ماذا لو فشل التفاوض

عمار علي حسن

حدد الاتفاق الإطارى الذى تم توقيعه فى الخرطوم بين مصر والسودان وإثيوبيا معالم طريق سلمى يعتمد على «التعاون» و«التفاعل الإيجابى الخلاق» لحل مشكلة «سد النهضة» الإثيوبى. وهذا الخيار هو الأفضل والأجدى، من دون شك، لكن ماذا لو ظهر فى المستقبل، أثناء التفاوض حول التفاصيل، ما يفشله، ويغلق الباب أمام الحل السلمى؟

هذا السؤال يجب طرحه والتعامل معه بجدية حتى لو انخفض احتمال الانزلاق إلى هذا السبيل الوعر إلى أدنى حد، أو حتى هبط إلى الصفر. وقد ألمح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته أمام اجتماع الخرطوم حين تحدث بلغة دارجة عن هواجس حول إمكانية أن تتعامل أديس أبابا مع الاتفاقات والمفاوضات باعتبارها فرصة سانحة لكسب الوقت حتى تفرغ من بناء السد، وتخزن المياه بالكمية التى تريدها، وتضع الجميع أمام الأمر الواقع. وقد حملت كلمته تهديداً مبطناً خفيفاً، لكنه دال، عن «عدم التحرك قيد أنملة» حين نفشل فى إقرار التعاون مع إثيوبيا بما لا يضر بمصالح مصر التى يشكل النيل لها شريان حياة، قاصداً بهذا إمكانية أن تتدخل مصر لتعيد كل شىء إلى نقطة الصفر إن فُرض عليها الخيار الأسوأ.

وعلينا أن نكون واقعيين فى التعامل مع الموقف برمته، فإثيوبيا ربما لا تكون مدفوعة فى إنشاء «سد النهضة» بمصالحها الذاتية البحتة، وإلا كانت قد فتحت منذ البداية وقبل أن تضع حجراً واحداً فى السد باباً للنقاش الجاد والهادئ والمتأنى مع مصر والسودان، لكن هناك من يستخدم هذه الدولة الأفريقية القديمة كأداة للضغط على مصر الدولة، أو على السلطة الحالية التى قامت على أكتاف هدم الشعب المصرى لخيارات الولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط حين أسقط حكم الإخوان، كما أن الحصول على جزء من مياه النيل هدف لإسرائيل منذ عقود، وتم طرحه أيام السادات، ولم يمت إلى الآن فى أذهان من تعاقبوا على حكم تل أبيب.

والخيار الأسوأ هذا يمكن أن نسلك معه سبيلين؛ الأول على حسابنا، والثانى ليس كذلك. فمصر بوسعها أن تنفذ من الآن خطة لتحويل زراعتها من الرى بالغمر إلى الرى بالتنقيط، الذى يستهلك أقل من عُشر الكمية تقريباً، ويمكنها أن تتقدم بخطوات أسرع على طريق امتلاك طاقة نووية سلمية تمكنها من توليد الكهرباء، وتبحث عن مصادر بديلة للطاقة مثل الطاقة الشمسية. ويتم هذا فى الوقت الذى نذهب فيه إلى المحافل الدولية لنقرر حقوقنا التاريخية فى مياه النيل، ونبين أى تعسف أو تملص إثيوبى من الاتفاق.

أما الخيار الثانى، وهو الأشد قتامة، فيتمثل فى الحل العسكرى، لا سيما أن الخبراء يتحدثون منذ عقود عن حرب المياه المقبلة فى العالم بأسره، فإذا لم تستجب إثيوبيا لأى خطوات «تصالحية» أو «تفاهمية» جادة حول الاتفاق المبدئى أو الإطارى الذى تم فى الخرطوم حول سد النهضة، واستمرت فى ابتزازنا وتشجيع بقية دول حوض النيل على أن تحذو حذوها، يمكننا أن نستخدم الأوراق التى نملكها للضغط عليها، ومنها مساعدة التنظيمات المسلحة فى بعض الأقاليم هناك والراغبة فى الانفصال عن سلطة أديس أبابا، علاوة على مساندة غريمتها إريتريا، وبعض الجماعات الصومالية المتضررة من سلوكيات السلطات الإثيوبية.

وقد يتطور الأمر إلى التهديد بالحروب إن أُغلقت كل الأبواب الأخرى، فما أنفقت مصر على جيشها فى سبيل تسليحه وتدريبه إلا لأيام مثل تلك، لكن على الساسة أن يقوموا بمهمتهم أولاً، وعلى الشعب أن يقف خلف قواته المسلحة إن دعت الضرورة. ووقتها يمكن أيضاً تكوين جبهة الدفاع عن النيل تتمدد لتطوى تحت جناحيها ملايين الشباب، يكون لديهم الاستعداد للاستشهاد فى سبيل الدفاع عن النيل، أى عن تسعين مليون مصرى سيموتون عطشاً إن استمرت إثيوبيا فى بناء سدودها وقلّدتها دول أخرى. ويمكن إعادة صياغة سياسة مصر حيال بعض القضايا الإقليمية بما يشعر من يحركون إثيوبيا بأن الأرض ستهتز من تحتهم، وبالتالى يبتعدون عن تشجيع إثيوبيا على التمادى فى تحديها للأمن القومى المصرى.

وقطعاً فإن مصر لا تريد هذا الخيار وتبذل كل جهد فى سبيل تجنبه، لكنها لا يمكنها، مهما كانت ظروفها، أن تدع أى سلوك أو تصرف أو إجراء يتعلق بمياه النيل يؤثر سلباً على حصتها منه، لا سيما أنها أقل دول حوض النيل تعرضاً للأمطار، وأكثرها نمواً فى السكان.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيار الأسوأ ماذا لو فشل التفاوض الخيار الأسوأ ماذا لو فشل التفاوض



ثنائيات المشاهير يتألقون ودانييلا رحمة وناصيف زيتون يخطفان الأنظار في أول ظهور عقب الزواج

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 04:34 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

فى مواجهة «حسم»!

GMT 18:42 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

نانسي عجرم تدمج اللمسة المغربية في أحدث أعمالها

GMT 14:14 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

عقلاء وحكماء في بطانة صانع القرار

GMT 15:54 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

صحة غزة تعلن توقف الخدمة في 6 مرافق طبية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab