«ممرات للفقد» 22

«ممرات للفقد» (2-2)

«ممرات للفقد» (2-2)

 العرب اليوم -

«ممرات للفقد» 22

عمار علي حسن

وتبدو بطلة رواية «ممرات للفقد» للأديبة هويدا صالح صامدة فى وجه فقدان أجزاء من جسدها، لكنها تخشى أن تفقد روحها، حين تضيع منها هويتها، أو تكون غير ما تريد، فتقع فى أتون صراع نفسى ضار، لا تملك فى مواجهته سوى تذكر اللحظات القديمة من الطفولة البعيدة، حين كانت تتوق إلى ركوب الدراجة، أو اللحظات الأولى التى بدأت تشعر فيها بأنوثتها حين كانت أصابع المدرس تمتد خلسة إلى صدرها، وأيضاً استدعاء كل ما فى الروح والجسد معاً من قدرة على المقاومة، وهنا تقول الرواية عن بطلتها: «لا تعرف كم من السنين مرت وهى تمشى لقدرها بخطو ثابت، لم تتوقف لحظة لتقاوم كل ما يأتيها من الآخرين، تتألم فى صمت يليق بقديسين، ثم تواصل الحياة، لكن كل لحظات الألم كانت تسكنها، تسكنها هناك فى العمق من روحها. لم تستطع يوماً أن تتجاوز كل ما يأتيها من آلام، لم تتجاوزها مطلقاً، فقط تتلقى الصفعات وتصمت، تصمت دون مقاومة تُذكر».

ولم تشأ الكاتبة أن تعرض هذه التجربة عبر حكاية خطية، أو تضعها فى بناء تقليدى أو معتاد، إنما بثتها فى شذرات أو مشاهد يربط بينها الراوية، وآلام البطلة. وتتابع ممرات الفقد التى بدت مع تصاعد الرواية أشبه بمحطات واصلة بين أزمنة مختلفة فى حياة تلك البطلة، وكأن الكاتبة وضعت فى رأسها تصوراً ظل يحكم نصها من بدايته إلى نهايته، وهو ذكر أصناف عدة للفقدان والألم، وإن لم تأت على هذا فى تريب زمنى، إنما كانت تذهب وتجىء فى أيامها بحرية تامة، وتبوح بكل ما يرد على ذهنها أو يجول بخاطرها، فمرة تصيغه بلغة فصحى جلية، ومرة بفصحى غامضة، وأخرى بالعامية الدارجة، وأحياناً بالشعر، حيث حفلت الرواية بمقاطع شعرية مثل:

«رجل وحيد

يرتل أوجاعه

يلملم خيوط الدهشة

ينثرها فى وجه العتمة

ينتظر امرأة قرأ خرائطها الأولى ذات حلم».

أو تلك المقطوعة التى تقول:

«بنت تنتظر حبيباً يلوّن الحلم بألوان قزحية

يعيد للروح بهجتها ويفك شفرات حلمها

غابة روحى لم تعد تطرح دونك

أيها الواقف هناك فى مفرق التيه

سلام إليك.. وسلام عليك

أنت المتدلّه فى كل القلوب

الساكن منذ الأزل كل العصور والآهات».

هكذا تتنقل الكاتبة بين حالات نثرية وشعرية، تنسج منها خيوط عملها المفعم بالألم، تاركة لقارئ الرواية وحده أن يجمع المتفرق ويرتب المبعثر ويتمم الناقص أو يسد الفراغات، ويجمع الخيوط ويرسم ملامح بطلة مقهورة ورواية مختلفة.
 

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ممرات للفقد» 22 «ممرات للفقد» 22



إليسا تخطف الأنظار بإطلالات تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 07:26 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نادين الراسي ترقص بعفوية في دبي وتكشف سر الـ Six pack

GMT 21:52 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

طقوس صباحية بسيطة لدعم صحة الكبد تشمل احتساء القهوة

GMT 15:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأرجنتين: تصويت مصيري وتدخل أميركي

GMT 15:49 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 20:28 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رسميًا زواجها بعد جدل الوثيقة المسربة

GMT 07:03 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سريلانكا بين الجبال والبحار تجربة سياحية لا تُنسى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab