فلسطين أولاً وآخراً

فلسطين أولاً... وآخراً

فلسطين أولاً... وآخراً

 العرب اليوم -

فلسطين أولاً وآخراً

بكر عويضة
بقلم: بكر عويضة

لماذا آخِراً، ما دام أنها أولاً؟ لأن برامج حركات وأحزاب وتنظيمات فلسطينية، دأبت على تكرار القول إن قضية فلسطين تأتي أولاً في ترتيب أولوياتها، لكن مُحتمل أيضاً أن تتراجع إلى ثاني الاهتمامات، وربما تنزل إلى المربع الثالث، وفق ما ينشأ عن تطور الأحداث. هكذا «منطق»، إذا صحّ الوصف، يندرج تحت بند الانتهازية السياسية. ومع الأخذ في الاعتبار أن انتهاز الفرص في العمل السياسي ليس معيباً، بل هو جائز، وربما مطلوب أحياناً، يبقى الأصح ألا يُحدِث ذلك الترتيب الانتهازي للأولويات أي خلل في أساسيات مواقف قادة الفصائل السياسية الفلسطينية إزاء قضية شعبهم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالانصياع التام من قِبل الفرع لما يُملي الأصل من توجيهات أو أوامر.

بمعنى أوضح، معروف أن الأحزاب والحركات الفلسطينية، التي نشأت مباشرةً بعد النكبة الأولى قامت على ثلاثة توجهات فكرية ذات بعد عالمي: الفكر الأممي، ثم العروبي، ثم الديني. التزم شيوعيو فلسطين، وكذلك القوميون، وأيضاً جماعة الإخوان المسلمين، برؤى التنظيمات الأم، التي يتبعون مناهجها، في كيفية التعامل مع قضية اغتصاب الأرض، وتشتيت شمل الشعب الفلسطيني أشتاتاً على نحو لم يكن مسبوقاً، عندما حصل. لم يجد الشيوعي أي خلل في الالتزام بما تراه موسكو، أو بكين -بعدما وقع الخلاف بين تُبّع ماو وأنصار لينين- فيما يتعلق بقضية فلسطين. كذلك فعل العروبيون. رفع أعضاء حركة القوميين العرب الفلسطينيون شعار «الوحدة طريق العودة»، وراحوا يجادلون غيرهم بما خلاصته أن تحقيق الوحدة العربية له الأولوية على ما عداه، بزعم أن هذا التقديم في الأولويات هو لأجل تحرير فلسطين تحديداً. «المنطق» ذاته نطق به فلسطينيو «حزب البعث العربي الاشتراكي» في أغلب أدبياتهم، بيد أن بينهم من عدّل الشعار إلى «العودة طريق الوحدة»، ضمن أساليب الانتهازية السياسية مفهومة الأسباب، خصوصاً بعدما أعلنت حركة «فتح» انطلاق العمل الفدائي المسلح مطلع عام 1965، أما فرع جماعة الإخوان المسلمين الفلسطيني، فهو في الأساس مبايعٌ قيادة التنظيم العالمي للجماعة على السمع والطاعة. إلى ذلك، بدا لهم من الطبيعي أن يُنظر إلى فلسطين من منظور أنها «أرض وقف إسلامي»، ومن ثمّ ليس ممكناً استرجاعها قبل إتمام مشروع توحيد العالم الإسلامي. ضمن سياق هكذا «منطق»، بدا من المشروع، في تقديرهم، أن يتقدم تحرير أفغانستان، مثلاً، من الاحتلال السوفياتي، على فلسطين.

إذن، نعم فلسطين هي القضية الأولى، كما تردد كراسات الأحزاب والحركات الفلسطينية وأدبياتها، غير أنها ليست في المقام الأول من أولويات تلك التنظيمات، حين يدق ناقوس التزام الفصيل الفرع بتعليمات التنظيم الأصل. ألم يقع أي تنبّه يغيّر هذا الواقع؟ بلى، المفروض أن التغيير حصل مع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964، كان المُفتَرض أن يؤدي انضمام مختلف الفصائل الفلسطينية إلى المنظمة، إلى توحيد الموقف الفلسطيني حول مبدأ أساس يقول إن «فلسطين أولاً... وآخِراً»، لن يتقدم عليه أي تفكير يقدّم مصالح الجهة التي يتبعها على الصالح الفلسطيني.

لكن هذا لم يحصل عند التطبيق العملي، وباستثناء حركة «فتح»، بدا واضحاً أن ممثلي الأحزاب الفلسطينية في اللجنة التنفيذية للمنظمة كانوا، في أغلب الحالات، يمثلون أيضاً توجهات أحزابهم الأصل، خصوصاً منها الحاكمة في عواصم عربية. مع ذلك، لم تؤثر هكذا ولاءات حزبية على القبول الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، ولم تَحُل دون اعتراف معظم دول العالم بحقيقة أنها «الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني».

بيد أن جماعة الإخوان المسلمين وحدها لم تزل تغرد خارج السرب. لماذا يصر التنظيم العالمي للجماعة على عدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم تأبَى حركة «حماس»، الانضمام للمنظمة، والالتزام بما تمليه المصالح الفلسطينية لجهة توحيد الموقف الفلسطيني بكل المحافل الدولية؟ هو تساؤل محيّر، رغم هامش تفهم ضرورة التزام أحزاب فلسطينية بما تقوم عليه مناهج أحزابها غير الفلسطينية. يبقى أن يوم الجمعة المقبل، يصادف مرور واحد وثلاثين عاماً على إعلان مبادئ الاستقلال الفلسطيني بالجزائر (15-11-1988). أليس مؤسفاً أن أكثر من مائة وخمس دول تعترف بدولة فلسطين وفق ذلك الإعلان المبنيّ على ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، فيما تصر حركة «حماس» على السباحة عكس التيار، برفض منظمة التحرير الفلسطينية؟ حقاً، هو أكثر من مؤسف، إنه موقف محزن ومؤلم.

arabstoday

GMT 02:32 2024 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

GMT 00:43 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الخسارة في السفارة وفي النظرية

GMT 01:41 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

«داعش» ليس أداة استخباراتية

GMT 01:44 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الدولة اجتماعية ولو بمقدار

GMT 01:23 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الاغترابُ: المفهومُ الفلسفي والواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين أولاً وآخراً فلسطين أولاً وآخراً



نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 09:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
 العرب اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 10:12 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف
 العرب اليوم - أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 15:21 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

يسرا تكشف موقفها من دراما رمضان المقبل
 العرب اليوم - يسرا تكشف موقفها من دراما رمضان المقبل

GMT 10:25 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمات الإنترنت عن شمال غزة
 العرب اليوم - انقطاع شبه كامل لخدمات الإنترنت عن شمال غزة

GMT 20:39 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

رجل يباغت كاهنا بالطعنات داخل كنيسة في سيدني

GMT 20:33 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

السيول تودي بحياة 16 شخصاً في سلطنة عمان

GMT 20:26 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إسرائيل تفرج عن 150 معتقلاً من غزة

GMT 18:51 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ردت إيران… لكنّ الثمن تدفعه غزّة

GMT 14:51 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

قصف جوي ومدفعي متواصل على وسط قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

«داعش» في موزمبيق: ضمير غائب في أفريقيا؟!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab