سلماوى والنبوءة التى تحققت

سلماوى والنبوءة التى تحققت

سلماوى والنبوءة التى تحققت

 العرب اليوم -

سلماوى والنبوءة التى تحققت

بقلم - مصطفي الفقي

أرى أن الكاتب الكبير محمد سلماوى هو نموذج متفرد بين أبناء جيله، فقد جمع بين الثقافات العربية والإنجليزية والفرنسية بشكل متميز، كما أنه تعاطى الأدب وأطل على السياسة واتخذ دورًا ثقافيًا جعله علامة مضيئة بين أبناء جيلنا، كما أنه صاحب الكبار وتتلمذ على أيادى توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل وغيرهم من رموز الأدب والفن والصحافة، ويتحفنا كل فترة برواية تشد الأبصار وتفتح خزينة الذكريات وتستدعى مشاهد من حياتنا السياسية كتب خلالها سلماوى عن التاريخ وأحداثه لكى يعبر عن آرائه من خلال منظور زمنى يخفى وراءه ذلك الكاتب الذكى مشاعره الشخصية وأفكاره السياسية وانتماءاته الوطنية، بل إننى أتذكر أن أحداث ٢٥ يناير جاءت تحقيقًا لنبوءة سابقة من رواية لسلماوى حول ما جرى فى تلك الفترة القلقة الحافلة بالتوتر من تاريخ مصر الحديث، وفى روايته الأخيرة التى تفضل فأهدانى نسخة منها وهى (أوديب فى الطائرة) جعلتنى أعيش مع صفحاتها فى قراءة تشدنى إلى الماضى القريب وتذكرنى بأحداث وقعت فى مصر كأن مدينة (طيبة) قد أضحت مسرحًا لأحداثٍ جديدة، بل إن مشهد دخول الحاكم إلى محبسه مسجونًا يوضح صعوبة الموقف فى ذلك اليوم من تاريخ مصر الحديث عندما كان رئيس البلاد رافضًا للنزول من طائرته الخاصة إلى زنزانة السجن، وقد أدرك الجميع أن الأمور تتطور بشكل غير مسبوق يوحى أن الرواية سوف تكون معقدة وصعبة على الجميع وتبدو براعة سلماوى فى اقتناص المظاهر الشخصية للحاكم الذى يقصده بالاستناد على وقائع قديمة بل إن استقبال الرئيس المصرى الراحل لوفود الناصحين من المساعدين وأصدقائهم فى ظل ظروف حرجة للبلاد والعباد توحى بأن التاريخ يجب قراءته دائمًا، باعتباره وحدة متكاملة بينها ترابط عضوى، ويذكرنى هذا بما كتبه الفيلسوف المصرى والمفكر الراحل فؤاد زكريا فى مقاله الشهير (دهاء التاريخ) عندما أثبت أن التاريخ يتكرر دائمًا فى أُطرٍ متباينة تجعل الأحداث رهن البيئة والمناخ اللذين يؤثران على شخص الحاكم وظروف بلاده، وقد أبدع سلماوى فى وصف المظاهرات وتصوير الهتافات وقد مزج الكاتب الكبير بين بعض العبارات الرومانسية والمشاهد العاطفية وبين وقائع الأحداث التى جرت كما برع بشكل ملحوظ فى تصوير مشاعر الحاكم الذى سوف يرحل والهواجس التى تدور فى رأسه حول فكر المؤامرة، ومحاولة تصوير الموقف برمته على أنه نتيجة مكائد هؤلاء الذين باعوا القضية وتنكروا للحاكم القوى فى لحظات حكمه الأخيرة، ونمضى مع سلماوى فى لغته الجذابة فى قرب ختام الرواية حيث يقول سلماوى فى وصف هبوط الطائرة عائدة من حيث أتت (بدأ الهبوط التدريجى للطائرة فأخذ اللون الأخضر يتوارى فى خجل ليحتل مكانه لون قاتم جديد هو لون الأسفلت المصنوع من القطران الأسود الذى أخذت الطائرة تهبط عليه ببطء، دقق أوديب النظر ليكتشف أن هذا هو مهبط الطائرات فقد كان يعرف هذا السجن جيدًا فهو السجن الذى يحبس فيه والآن يجرى صغار الموظفين والعاملين فى المكان حيث استقرت الطائرة على الأرض ونهض الحارس استعدادًا لمساعدة أوديب للنزول من الطائرة حسب الأوامر وتسليمه للقوة الرابضة على الارض برئاسة رئيس الأركان، وبعد لحظات نهض أوديب من مقعده دون مساعدة من أحد وتحامل على نفسه ونزل السلم بخطى ثقيلة ولكنها ثابتة، بعد دقائق كان أوديب داخل السجن وأعطى رئيس الأركان التمام للقيادة العامة وإخبارهم بأن الأوامر نفذت، وأنه أغلق بنفسه على أوديب باب الزنزانة)، ويحاول سلماوى بذكائه الحاد أن يبعد مشاهد التماثل بين روايته الرائعة وبين الوقائع التى جرت بنفس الأسلوب غداة أحداث الربيع العربى منذ سنوات.

 

arabstoday

GMT 18:04 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل والمسرحية.. والمتفرجون

GMT 05:17 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 05:14 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

GMT 05:10 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

بورصة أسماء الوزراء

GMT 05:07 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

الرد على الرد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلماوى والنبوءة التى تحققت سلماوى والنبوءة التى تحققت



أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:28 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
 العرب اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 العرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 10:20 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

GMT 14:28 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 08:39 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع أسعار النفط مع هبوط الدولار

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 18:13 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

«باش جراح» المحروسة

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab