أوهام متبددة

أوهام متبددة

أوهام متبددة

 العرب اليوم -

أوهام متبددة

عريب الرنتاوي

خلال الساعات الأربع والعشرين الفائتة، تساقط وهمان كبيران، الأول يخص معسكر “المقاومة والممانعة” والثاني يتصل بفريق المعجبين حد الاندهاش، بأداء السلطان رجب طيب أردوغان، وهم بالحصر، من المعسكر الآخر.

إعلام فريق “المقاومة والممانعة” لا يتوقف عن محاولاته توسيع هذا المحور، فاقترح من قبل حكومة المالكي كجزء منه، والان يتحدث عن ميليشيات الحشد الشعبي بوصفها ذراعا ضاربة من أذرعته، وبين هذه وتلك، يقترح ضم الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح إلى الحلف ... لكن “الجائزة الكبرى” التي حظي بها هذا المحور، إنما تمثلت بالتدخل العسكري الروسي في سوريا، والذي جعل من موسكو، عاموداً رئيساً من أعمدة محور المقاومة والممانعة، ومن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رمزاً وقائداً له.

مع إن موسكو لم تستخدم يوماً مثل هذه التعابير والمصطلحات، بل وأحجمت على الدوام عن وصف علاقاتها بأي من أركانه، بأنها “تحالف استراتيجي”، وهي لا تكف عن مد يديها الاثنتين للسعودية ودول الخليج، ولولا حادثة الطائرة الروسية، لكانت أنقرة من أكبر شركاء موسكو في مجالات التجارة والسياحة والطاقة... أما عن علاقاتها مع إسرائيل، فحدّث ولا حرج، فهي تقيم تنسيقاً قوياً معها، وقادة تل أبيب كشفوا عن “خروقات” متكررة لسلاح الجو الروسي للأجواء الإسرائيلية من دون أن يتصدى لها احد، كما أن الطيران الحربي الإسرائيلي لم يتوقف عن تنفيذ ضربات ضد أهداف له في سوريا، بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا كما قبله، وكل ما في الأمر أن العمليات باتت تحتاج “تنسيقاً” وليس إذناً من أحد، حتى لا تقع الحوادث التي تعكر صفو العلاقات الثنائية بين الجانبين.

الوهم الثاني الذي تبدد خلال الساعات الأربع والعشرين، ويتعلق بموقف تركيا الإنساني/ الديني/ الأخوي من قضية اللاجئين السوريين، بعد أن قبلت أنقرة عرضهم في سوق النخاسة الدولي، ووقعت مع قادة الاتحاد الأوروبي على صفقة “بيعهم” بقيمة ثلاثة مليارات يورو، معطوفة على بعض التسهيلات المتصلة بالمفاوضات الجارية حول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، كما أن هناك عروضاً أوروبية تنهمر على أنقرة، للقبول باستعادة من غادر موانئها من اللاجئين صوب أوروبا، مقامراً بحياته وحياة عائلته، لقاء تسهيلات تمنح للمواطنين الأتراك بدخول أوروبا والعمل، وربما الإقامة فيها.

أنقرة لطالما زعمت أنها لن تغلق حدودها في وجه اللاجئين، وأنها لن تقبل بمساعدات غربية من أجل استضافتهم، وأنها لن تساوم على حقهم في حرية الحركة، وأن موقفها من قضية اللجوء السوري، خالص لوجه الله تعالى ... لكن ما وقع مؤخراً، يظهر أن أنقرة  لعبت مع أوروبا لعبة “ابتزاز” موصوفة، وأن لعبتها هذه قد أعطت أكلها، خصوصاً بعد إغراق أوروبا بطوفان اللاجئين الذي حركته أنقرة من موانئها على المتوسط ... اليوم، يذهب أحمد داود أوغلو إلى بروكسيل لتحصيل الثمن و”الجائزة الكبرى”، وستغلق الحدود في وجه اللاجئين المغادرين، وستغلق الموانئ التي تنطلق منها قوافل الموت إلى الشواطئ اليونانية، وستحظى تركيا بفرصة استئناف المفاوضات على طريق عضويتها في المجموعة الأوروبية.

لهذا الغرض، لا يجد صاحب “العمق الاستراتيجي” غضاضة، في التأكيد على “أوروبية” تركيا، ضارباً عرض الحائط، بكل تنظيراته السابقة حول “شرق أوسطيتها” و”إسلاميتها” ... المهم أن تستكمل الصفقة مع الاتحاد الأوروبي شروطها، وأن تستكمل انقرة قبض الثمن.

خلاصة القول، أننا في لحظة “الاستقطاب” التاريخي، نقرر عن سبق الترصد والإصرار، تطليق عقولنا، فنهتف لبوتين زعيماً للمقاومين والممانعين، من دون أن يعرف هو ذلك أو يقر به ... ونرفع أردوغان إلى مرتبة السلطان و”خامس الخلفاء الراشدين” من دون أن نستشيره فيما إذا كان موافقاً على تجسيد هذا الدور أو تحمل تلك المسؤولية.

ها نحن على ضفتي الانقسام الإقليمي، نُصفع من جديد، فتسقط أوهامنا الواحد تلو الاخر ... ها نحن نصطدم بالحقائق المرة للمرة الألف من دون أن نتعلم درساً واحداً ... والمؤكد أن مقالة كهذه، ستثير موجة من التعليقات الغاضبة، من الجانبين، خصوصاً الذين قرروا تطليق عقولهم، والارتهان للعبة المحاور والمعسكرات المذهبية والطائفية والدينية المختلفة.

arabstoday

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

فى تكريم الزعيم

GMT 06:01 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

زواج الملياردير الأمريكى فى مصر!

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

حتى لا تستمر مصر مهيضة الجناح فى 2025!

GMT 05:58 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الإشكالية الفلسطينية الكبرى

GMT 05:56 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تل أبيب تغسل يديها

GMT 05:55 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الاعتدال الذى تكرهه إسرائيل

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مروحية الرئيس

GMT 00:30 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

«الهبوط الصعب»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام متبددة أوهام متبددة



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 19:22 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

القمة العربية.. لغة الشارع ولغة الحكومات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab