«كويتيون سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه»

«كويتيون سنة وشيعة... هذا الوطن ما نبيعه»

«كويتيون سنة وشيعة... هذا الوطن ما نبيعه»

 العرب اليوم -

«كويتيون سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه»

عريب الرنتاوي

أظهر الكويتيون رباطة جأش عالية في التصدي لأهداف العدوان الإرهابي الذي تعرض لهم بلدهم... توحد الموقفان الرسمي والشعبي في فضح مرامي العمل الإرهابي، لم ينخرطوا في جدل عقيم كذاك الذي طالما شهدناها في دول منكوبة بهذه الآفة، لم يخرج أحدٌ لسانه شماتة ... هتفوا جميعاً «كويتيون سنّة وشيعة... هذا الوطن ما نبيعه».

العمل الإجرامي ضد الكويت كان يهدف من ضمن ما يهدف، إلى إحداث الوقيعة وإيقاع الفتنة في صفوف الكويتيين ... ردة فعل الكويتيين على الجريمة أعطت نتائج عكسية تماماً، أقله كما تبدى من ردة الفعل الأولى ... توحد الكويتيون أكثر من أي وقت مضى ... رأينا الأمير والحكومة والنواب والمواطنين يصرخون في وجه المعتدي بصوت واحد ... هذا النمط من ردات الفعل العفوية المتناغمة، تذكرنا بتوحد الأردنيين في وجه جريمة حرق الطيار الشهيد معاذ الكساسبة، أو في انطلاقتهم العفوية للهتاف بصوت واحد رداً على جريمة الفنادق الثلاثة ... في اللحظات الدامية من هذا النوع، يتفوق الناس على أنفسهم، ويخرجون أروع ما في دواخلهم.

تتكشف ردة الفعل الكويتية عن جملة حقائق وتظهّرها ... الأولى، أن مناخ الحريات والديمقراطية النسبية التي تعيشها هذه الدولة الخليجية منذ عقود متراكمة من السنين، سمحت بخلق وعي متقدم لدى الكافة، وعززت انصهار الكويتيون وتوحدهم حول كيانهم، وفي ظني أن الغزو العراقي للكويت، نجح في توليد «هوية وطنية جماعة وجمعية» للكويتيين، الذين استيقظوا ذات صباح، فوجودا أنفسهم «عراقيين» ومحافظة ملحقة بالدولة الجارة.

الثانية، أن الكويت (والبحرين) من أكثر دول الخليج التي شهدت مبكراً على نشوء حركات سياسية واجتماعية وعمالية ... الكويت سمحت لهذه الحركات مبكراً أن تعمل في العلن، بخلاف البحرين التي لم تنجح برغم سنوات الإنفراج الأخيرة، في تطبيع العلاقات بين الحكم والمعارضات المختلفة ... في الكويت حركة قوميين عرب تاريخية، قادها أحد مؤسسي الحركة في بيروت الدكتور أحمد الخطيب، وفي الكويت تيارات ليبرالية قوية، وأخرى إخوانية وسلفية وشيعية... صحيح أنها ليست منتظمة في احزاب سياسية، لكن الصحيح أن لها حضور الأحزاب وتشكيلاتها والأهم «ديوانياتها» ... هذا الوعي المبكر، سيساعد الكويت والكويتيين على مواجهة تحدي الغلو والإرهاب صفاً واحداً.

والثالثة، وتتصل بالعلاقة بين الحكم والمعارضة، أو على نحو أوسع، الحكم والمواطنين ... فالبلد مقتدر اقتصادياً، وثمة نظام رعائي للمواطنين على أقل تقدير، وثمة مستوى من «العدالة الاجتماعية» تسمح للفقراء بطرق أبواب الحكم للاستحصال على الحد الأدنى للعيش الكريم، هذا أمر شديد الأهمية، فالإحساس بالغبن والتهميش هو أقصر الطرق صوب «داعش» وأخواتها... ولولا «ثغرة» البدون، لكان الوضع في الكويت الأفضل قياساً بالعديد من الدول المنطقة العربية والخليجية.

والرابعة: أن النظام في الكويت، ليس من الطراز الدموي، فلا السجون تغلق أبوابها على قادة الرأي الآخر ونشطاء المجتمع المدني، ولا الدماء تراق في الشوارع بعد كل مظاهرة أو انتخابات، ولأن النظام كذلك، فمن الطبيعي أن ينتج معارضة على صورته وطرازه، فرأينا أشد السلفيين تطرفاً وتشجناً يدعون للجهاد في العراق وسوريا أو يهجرون بلدهم إلى ساحات الجهاد العالمي النائية، ولم يتجرأ أكثرهم غلواً على «الإفتاء» بضرورة الجهاد في الكويت ... حتى أن منفذ الجريمة البشعة في مسجد الإمام الصادق، سعودي جاء لتوه للقيام بفعلته.

ليست الكويت بلداً ديمقراطياً بالمعايير المتعارف عليها للديمقراطية، وهي المعايير ذاتها، التي تمنعنا من تصنيف بلادنا (الأردن) بأنها ديمقراطية كذلك ... لكن الكويت من الدول العربية القليلة، إلى جانب الأردن والمغرب، التي تبدو مرشحة لانتقال سلمي وتدريجي نحو ضفاف الملكيات الدستورية ... وبوجود برلمان قوي وديوانيات مؤثرة وجمعيات وتشكيلات متنوعة، بوجود إعلام حر ومستقل نسبياً، تبدو الكويت مرشحة لاجتياز محنة «الربيع العربي» بأقل قدر من الخسائر.

هذه الصورة لا ترضي جماعات «الفوضى الخلاقة»، ولا ترضي أصحاب مشاريع «الجهاد العالمي»، الذين لا ينتعشون إلا في الخرائب ولا يجدون مطرحاً لأنفسهم إلا على أنقاض الدول والمجتمعات ... الكويت امام الامتحان الأصعب، في بلد متنوع مذهبياً ... المؤشرات الأولى ترجح احتمالات النجاح والانتصار في المواجهة ... والمأمول  ألا تفضي الجريمة النكراء إلى الانتكاس عن هوامش الحرية والديمقراطية والتعددية في البلاد ... المأمول أن تدفع الجريمة إلى الاستمساك بهذا الطريق وتعزيز وغذ السير على دروبه، وإنجاز المزيد من الإصلاحات التي يطالب بها الكويتيون في شتى المجالات.

arabstoday

GMT 20:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 20:04 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كويتيون سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه» «كويتيون سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه»



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
 العرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 03:55 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع في واشنطن ضمن زيارة رسمية يجتمع خلالها مع ترامب

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 11:15 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيفا يطلق جائزة للسلام وسط توقعات بفوز ترامب

GMT 11:55 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"أوبن أيه آي" تسارع لطمأنة المستثمرين بشأن وضعها المالي

GMT 14:33 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 وصفات طبيعية لإزالة السموم ودعم وظائف الكلى

GMT 19:39 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab