كيري يترك السلطة لليأس والفراغ

كيري يترك السلطة لليأس والفراغ

كيري يترك السلطة لليأس والفراغ

 العرب اليوم -

كيري يترك السلطة لليأس والفراغ

عريب الرنتاوي

ترك الوزير الأمريكي جون كيري خلفه في رام الله خيبة أمل كبيرة، حتى أن الذين استبشروا خيراً بجولته الثانية في غضون أقل من شهر، تمنوا لو أن الرجل لم يأت، فهو استهل زيارته لإسرائيل بهجوم على الفلسطينيين، مندداً برماة الحجارة وحملة السكاكين من أطفال وفتيان وشبان، واصفاً إياهم بـ «الإرهابيين»، مدافعاً عمّا أسماه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ... استهلال غير طيب، لرحلة كان من المخطط لها أن تنتهي باستعادة «التهدئة» فإذا به تصب مزيداً من الزيت على نار الصراع المتّقدة.

وإذ تجاهل الوزير الأمريكي، كافة المطالب الفلسطينية المتصلة بتجميد الاستيطان والإفراج عن الأسرى والمعتقلين، مكتفياً باقتراح تخفيف الإجراءات الأمنية الصارمة وتقديم «حفنة من الدولارات» لإطفاء ظمأ السلطة واحتياجاتها المالية الضاغطة ... فإنه عمل من حيث يدري أو لا يدري، على تشجيع الجانب الإسرائيلي على الإمعان في التعنت، وطرح مزيد من الشروط التعجيزية، أهمها على الإطلاق، طلب الاعتراف بـ «الحق الشرعي» لإسرائيل بالبناء في الكتل الاستيطانية الكبرى، مقابل تسهيلات «تُمنح» لهم للبناء في المناطق «ج» في الضفة الغربية، وهو المطلب الذي يطرح لأول مرة رسمياً على الأمريكيين والفلسطينيين على حد سواء.

صحيح أن واشنطن رفضت الاستجابة للطلب الإسرائيلي، بإعطاء ضوء أخضر للتوسع الاستيطاني، لكن الصحيح كذلك، أنها امتنعت عن مطالبة حكومة نتنياهو بتجميد البناء الاستيطاني، باعتباره غير شرعي ومعرقلا لفرص تجسيد «حل الدولتين»، إلى غير ما هناك من صيغ اعتادت واشنطن في مراحل سابقة، على النطق بها، من دون أن ترفقها بأية إجراءات عملية أو ضغوط لإلزام إسرائيل بالتوقف عن نهب أرض الفلسطينيين وسلب حقوقهم.

والحقيقة أن أحداً لم يكن يراهن كثيراً على ما يمكن أن تؤول إليه، مهمة كيري الأخيرة، بمن في ذلك بعض أوساط السلطة والمنظمة وحركة فتح، وهي الأطراف التي بنت استراتيجية طويلة الأمد طوال ربع القرن الفائت، تتمحور أساساً حول «المفاوضات « ... لكن الطريقة التي أدار بها كيري مهمته، والمواقف الاستفزازية التي تلفظ بها، والدعم الكبير الذي منحه لحكومة اليمين واليمين المتطرف، كانت بمثابة صدمة إضافية تلقاها الجانب الفلسطيني، أو بالأحرى، تجرعها كالسم.

كيري لم يبذل جهداً حقيقاً لفعل ما يتعين فعله لاستعادة الهدوء الذي جاء من أجله ... لكأنه في رحلة «رفع عتب» وداعية، يجريها في المنطقة، كفاصل زمني أو استراحة بين مهمتين ... حتى أن الرجل لم يول اهتماماً بتهدئة روع القيادة الفلسطينية وتبديد مخاوفها ... غادر رام الله من دون أن يلوي على أي شيء، تاركاً القيادة الفلسطينية نهباً لليأس والفراغ.

على أية حال، لقد كان الرجل «متصالحاً مع نفسه»، فهولم يعبر عن كنه الموقف الأمريكي المنحاز لا لإسرائيل فحسب، بل ولأكثر تياراتها تطرفاً وغلواً، وهو سبق وأن أعلن أن بلاده لا تنوي القيام بأية مبادرة جديدة على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي، فيما تبقى لولاية الرئيس أوباما من وقت وتفويض في البيت الأبيض ... وهكذا عاد من المنطقة بأسوأ مما جاء به إليها ، تاركاً الفلسطينيين «يقلّعون أشواكهم بأياديهم».

الكرة الآن في الملعب الفلسطيني، وعلى السلطة والمنظمة وفتح على وجه التحديد، وبدرجة أقل حماس وغيرها من الفصائل، أن تخرج إلى شعبها بـ»بيان موقف» تشرح فيه ملامح خطتها واستراتيجيتها للمرحلة القادمة، أو تضع استقالتها بين يدي أبناء الشعب الفلسطيني، ليختار من سيمثله ويقوده في المرحلة المقبلة وكيف.
لكن كثيرين في رام الله للأسف، لا يفكرون على هذا النحو، فهم لا يمانعون الانتظار لعامين إضافيين قادمين، طالما أنهم على رأس مواقعهم ومكاسبهم، بانتظار جولة جديدة من المبادرات والمحاولات الرامية استئناف المفاوضات، أو بالأحرى الاستمرار في إدارة اللعبة العبثية ذاتها.... كما أن كثيرين في غزة، مستعدون لمواصلة الحديث عن «خيار المقاومة» لسنوات عديدة قادمة، حتى وإن كانت «مقاومة مع وقف التنفيذ»، طالما أن أرض القطاع برمته، يمكن أن تتحول إلى «إقطاعيات» يجري توزيعها على النافذين والمريدين والأنصار والمحاسيب، بدل الرواتب المتوقفة أو المنقوصة.

المشروع الوطني الفلسطيني في خطر ماحق، لا بسبب الزحف الاستيطاني الإسرائيلي المصحوب بأكثر السياسات والتشريعات والإجراءات، عدوانية وعنصرية في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي فحسب، بل بسبب «القائمين» على هذا المشروع كذلك، وعلى ضفتي الانقسام الفلسطيني الداخلي، دع عنك تهتك الحالة العربية، الرسمية والشعبية، وانشغال المجتمع الدولي لسنوات عديدة قادمة، بأولويات أخرى ضاغطة.

أما بصيص الأمل المتبقي، فإنما ينبعث من «جيل أوسلو» الذي خرج في «هبّة شعبية» فلسطينية، متجاوزاً السلطة والمنظمة والفصائل والمجتمع المدني، ومتخطياً خياري «المفاوضات العبثية» و»المقاومة مع وقف التنفيذ»، لا سيما إن تطور هذا الحراك وتعمق وتوسع، ونجح في بلورة رؤيته ومشروعه، وإنتاج أطره وهياكله وقياداته.

arabstoday

GMT 06:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

الرحلةُ المقدسة.. عيدًا مصريًّا

GMT 06:11 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نجوى فؤاد وحديث الشيخ الشعراوى!!

GMT 06:09 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

العكس هو الصحيح

GMT 06:07 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

ليست «أوبر» وحدها

GMT 06:05 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نظريات ومراهم للتسلخات!

GMT 00:43 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

أول من استعاد الأرض

GMT 00:43 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

هواء نقيٌّ بين النجف والرياض

GMT 00:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

غزة بين بصمات أميركا وإيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيري يترك السلطة لليأس والفراغ كيري يترك السلطة لليأس والفراغ



الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ العرب اليوم

GMT 18:07 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

الدول العربية وسطاء أم شركاء؟

GMT 12:00 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

رحيل الممثلة الروسية أناستاسيا زافوروتنيوك

GMT 07:13 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب جنوب غربي الصين

GMT 00:52 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

إنقاذ غزة مهمةٌ تاريخيةٌ

GMT 00:59 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

كأنّ العراق يتأسّس من صفر ولا يتأسّس

GMT 00:10 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا

GMT 08:09 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

افتتاح أول خط طيران عراقي سعودي مباشر

GMT 08:21 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab