حرب «التفاصيل» والشياطين الكامنة خلفها

حرب «التفاصيل» والشياطين الكامنة خلفها

حرب «التفاصيل» والشياطين الكامنة خلفها

 العرب اليوم -

حرب «التفاصيل» والشياطين الكامنة خلفها

عريب الرنتاوي

إن صحت «التسريبات» حول المبادرة السياسية الروسية، قيد التبلور، في ضوء زيارة الأسد الأخيرة إلى موسكو، فإن من المتوقع أن تتقلص مساحة الخلاف بين الأطراف الإقليمية والدولية المتصارعة، في سوريا وعليها، حول عناوين تفصيلة محددة للغاية.
المبادرة الروسية تتحدث عن حكومة ائتلافية، تضم النظام والمعارضة المناهضة للإرهاب، البعض يقول إن صلاحياتها لن «تمس مقام الرئاسة» البعض يفترض أنها ستتمتع بجزء من صلاحيات الرئيس ... الجدل هنا سيكون محصوراً بشكل الحكومة، «انتقالية» أم «اتحاد وطني»، صلاحياتها كاملة أم جزئية، مدة ولايتها الانتقالية، عام أم عامين، أكثر أم أقل، من هي القوى التي ستتمثل فيها ممثلة للمعارضات السورية المختلفة؟، وهذا ليس بأمر بهيّن، وكافة شياطين الأرض، اعتادت أن تقبع خلف هذه «التفاصيل».
للإجابة على هذه الأسئلة والتساؤلات، ربما لا تكفي الحوارات والاجتماعات والمناقشات العلنية أو خلف الأبواب المغلقة ... إجابات هذه الأسئلة، قد تتطلب خوض معارك على الأرض، أو ممارسة «التفاوض بالنار» من أجل إنضاج شروط تسوية أقرب إلى مصالح ومواقف هؤلاء الأفرقاء ... نرى حلفاً قطرياً – تركياً – سعودياً، يفضل الحديث عن «الانتقال» و»سلطة انتقالية»، يدعم مروحة واسعة من الجماعات المسلحة الأصولية كأحرار الشام و»النصرة» .وجيش زهران علوش «الإسلامي».. يسعى في تدعيم هذه المعارضات من أجل الاحتفاط بما لديها من مناطق سيطرة ونفوذ، حتى لا نقول توسيعها ... لا يريد للأسد دوراً في المرحلة الانتقالية، وإن اضطر لذلك، فلأقل فترة ممكنة (6 أشهر حسب تركيا)، وبلا صلاحيات إن أمكن ... حول هذه العناوين/التفاصيل وأخرى غيرها، تدور المعارك وتُزهق الأرواح وتُصرف ملايين الدولارات وتُهدّم المنازل والمدن والبنى التحتية.
إلى جانب هذا المحور الثلاثي ومطالبه المعروفة، ثمة عواصم دولية وازنة، تشاطره المواقف ذاته، بعضهما أو جميعها، وهي لا تريد أن ترى اسم «بشار حافظ الأسد» في قوائم المشاركين في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تقترحها روسيا، وسبق لإيران أن اقترحتها، بذات الصيغة تقريباً، سيما وأن الأفكار الروسية تتحدث عن انتخابات بلا مراقبين دوليين (حسب التسريبات)، الأمر الذي يُلقي ابتداءً، ظلالاً كثيفة من الشك حول نزاهة الانتخابات وحيادية الجهات المشرفة على تنظيمها.
وإذا كان من الممكن لعواصم جبهة الخصوم، أن تقبل فكرة الانتخابات المبكرة، بل وأن تعتبرها خطوة للأمام في المواقف والمقاربات الروسية، إلا أنها لن تقبل بإجرائها من دون مراقبين وشبكة ضمانات وتأمينات دولية، كما أن بعضها أو معظمها، سيتحفظ بشدة على دورٍ للأسد كمرشح فيها ... ومن أجل حسم الخلاف حول هذه المسألة، ربما تطلب الأمر، مزيداً من المشاورات ومزيداً من المعارك الميدانية كذلك.
ثمة نقاط تلاقي كبيرة في المواقف الإقليمية والدولية تحت عناوين من نوع: الحفاظ على وحدة سوريا، فالجميع يخشى تأثيرات «مبدأ الدومينو» في حال تقسمت سوريا، من الأتراك والسعوديين، مروراً بدول الجوار العربية لسوريا، وصولاً إلى إيران ... لكن الاتفاق على منع التقسيم، لا يعني انتفاء الخلاف والصراع على «التقاسم»، تقاسم السلطة والنفوذ في بلد مهم وكبير كسوريا، لا من حيث مكانته الجيوسياسية فحسب، بل ومن منظور «حروب الطاقة والأنابيب» كذلك، سيما بعد الكشف عن احتياطات ضخمة للغاز في قعر الشواطئ السورية على المتوسط .... رفض التقسيم يوحد الأطراف المتصارعة في سوريا وعليها، وفرض التقاسم، يفسح في المجال أمام مزيد من الحروب والمعارك والجبهات المشتعلة.
الحرب على الإرهاب، تبدو في الظاهر، شعاراً ناظماً وموحداً لكل الأطراف والأفرقاء، لكن هذا ما يبدو في الظاهر، وفي الظاهر فقط ... النظام يقول كل من يحمل السلاح ضده فهو إرهابي، والمعارضة تقول، إن إرهاب النظام، هو الأشد خطورة من بين مختلف أشكال ومصادر الإرهاب الأخرى ... محور تركيا – قطر – السعودية، يُخرج العشرات من الفصائل الإسلامية المسلحة من قوائم الإرهاب، مع أن بعضها لا يختلف إلا في «المناهج التنفيذية» عن «داعش»، هذه الأطراف لا تُجرّم «النصرة»، بل ومتورطة بدعمها باشكال مباشرة وغير مباشرة، فيما التنظيم السلفي الأبرز الآخر: أحرار الشام، يحظى بدعم علني ورسمي من هذا المحور، وكذا مجموعات «زهران علوش» كذلك ... ما هو الإرهاب؟ ... ومن هو الإرهابي؟ ... أسئلة وتساؤلات لا يجيب عليها القانون الدولي، وإنما منظومة المصالح المتضاربة في سوريا وحولها، وتتغذى بالصراع المرير على «تقاسم» النفوذ والسيطرة في سوريا ... ولحسم الخلاف حول هذه النقطة، ربما نكون بحاجة لصولات وجولات من المواجهات والمعارك.
الروس تقدموا خطوات كبيرة للأمام في مقارباتهم السياسية والميدانية للمسألة السورية ... والحراك السياسي والدبلوماسي الدولي، كثيف ويعطي بعض النتائج المحدودة حتى الآن ... لكن من غير المتوقع لهذا الحراك أن ينتج حلاً شاملاً ووشيكاً ... السيناريو المرجح استمرار السباق الدامي والمنهك، بين خياري «الدبلوماسية» و»الآلة العسكرية».
في هذا المناخات القاتمة، حيث لا أخبار جيدة تأتي من سوريا هذه الأيام، فإن الخبر السار الوحيد على ما يبدو، إنما يتجلى في «حالة الإنهاك» التي تعيشها معظم الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية، واقتراب الدول الكبرى من «حافة هاوية» الصدام المباشر، أو حرب الوكالة المكلفة لها جميعها، إذ ربما يدفعها الحذر من الانزلاق إلى قعر الهاوية، إلى التراجع خطوات للوراء عن حافتها ... وهنا يصبح الحل ممكناً، بل وقد يصبح وشيكاً.

arabstoday

GMT 06:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

الرحلةُ المقدسة.. عيدًا مصريًّا

GMT 06:11 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نجوى فؤاد وحديث الشيخ الشعراوى!!

GMT 06:09 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

العكس هو الصحيح

GMT 06:07 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

ليست «أوبر» وحدها

GMT 06:05 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نظريات ومراهم للتسلخات!

GMT 00:43 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

أول من استعاد الأرض

GMT 00:43 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

هواء نقيٌّ بين النجف والرياض

GMT 00:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

غزة بين بصمات أميركا وإيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب «التفاصيل» والشياطين الكامنة خلفها حرب «التفاصيل» والشياطين الكامنة خلفها



الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ العرب اليوم

GMT 18:07 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

الدول العربية وسطاء أم شركاء؟

GMT 12:00 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

رحيل الممثلة الروسية أناستاسيا زافوروتنيوك

GMT 07:13 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب جنوب غربي الصين

GMT 00:52 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

إنقاذ غزة مهمةٌ تاريخيةٌ

GMT 00:59 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

كأنّ العراق يتأسّس من صفر ولا يتأسّس

GMT 00:10 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا

GMT 08:09 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

افتتاح أول خط طيران عراقي سعودي مباشر

GMT 08:21 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab