بقلم : أسامة غريب
الصاروخ اليمنى الذى قصف مطار بن جوريون، أمس، وأصاب هدفه يشكل سببًا لذعر إسرائيلى حقيقى، إذ إن صواريخ مماثلة سقطت وحققت إصابات حقيقية، لكن إسرائيل تكتمت على الأخبار وزعمت إسقاطها لهذه الصواريخ.
لم يستطع الصهاينة التكتم أو الإنكار هذه المرة، لأن المطار تم إغلاقه، فطار الخبر ووزعته الوكالات بعد أن ألغت شركات الطيران رحلاتها إلى تل أبيب، خوفًا من الضربات اليمنية. من الواضح أن إيران لا ترسل حاليًا أسلحة وصواريخ إلى اليمنيين، لأن السواحل محاصرة والأساطيل الأمريكية تمرح فى البحر الأحمر والمحيط الهندى، وإنما هذه الصواريخ هى صناعة يمنية خالصة، صحيح أن إنتاجها يتم بتكنولوجيا إيرانية، لكن اليمنيين هم الذين يصنعونها بمكونات محلية.
ويبدو أن الوتيرة التى يتم بها إطلاق الصواريخ على الأهداف الإسرائيلية تشى بأن خط الإنتاج مفتوح ويعمل لكن بصورة بطيئة، ولو كانت القدرة على الإنتاج أكبر لرأينا المدن الإسرائيلية تشتعل.
ولا شك أن مراكز البحث ومعامل التكنولوجيا الأمريكية والإسرائيلية تعكف الآن على دراسة وتحليل ماهية هذه الصواريخ فرط الصوتية التى نجحت فى تخطى الدفاعات الجوية الإسرائيلية المكونة من عدة طبقات تتضمن منظومات القبة الحديدية ومقلاع داوود ومنظومات ثاد وحيتس وباتريوت، وكلها دفاعات جوية متطورة تستخدم الذكاء الاصطناعى وتحيط بالكيان الإسرائيلى من كل الجهات، بل إنها تبدأ من عمق المحيط الهندى، حيث حاملات الطائرات، وتتشكل من القواعد الأمريكية فى دول المنطقة.
كل هذا يفشل فى اعتراض صاروخ يمنى قليل التكلفة مما يفتح الباب لتحديات تكنولوجية واسعة الأفق. وربما أن إطلاق هذه الصواريخ فى هذا التوقيت بينما تجرى المحادثات النووية بين واشنطن وطهران هى جزء من الحوار بالنار الذى يتم تبادله بين الطرفين المتحاورين على هامش المفاوضات، ولا شك أن الصواريخ اليمنية تبعث برسائل تقول إذا كان بإمكان اليمنيين دك تل أبيب بالمسيرات والصواريخ، فما بالكم بالقدرات العسكرية الإيرانية إذا ما حانت ساعة الجد وبدأ نتنياهو حربه التى يسعى إليها.
تعمل هذه الضربات الصاروخية إذًا على تهدئة غلواء الصقور الأمريكيين الذين يعملون خدمًا لنتنياهو فى الإدارة الأمريكية وتنبيههم إلى أن الدمار سيكون متبادلًا ولن يكون الأمر أبدًا على غرار الحروب العربية الإسرائيلية أو الغزوات الأمريكية للعراق وسوريا. والمثير فى موضوع التقدم والتميز التكنولوجى فى صناعة السلاح لدى اليمنيين الفقراء أنه يشبه نفس الحال لدى كوريا الشمالية، وهى دولة فقيرة نجحت فى منع أعدائها من مجرد التفكير فى المساس بها.
وفى اعتقادى أن أطرافًا كثيرة ليست بالضرورة أمريكية أو إسرائيلية ستعاود التفكير كثيرًا قبل أن تستسهل العدوان على اليمن حتى لا تكون فى مرمى صواريخ فرط صوتية عجز نتنياهو وترامب وستارمر وكل وحوش الغرب عن لجمها، ولم يعد أمامهم ردًا عليها سوى قصف المنشآت المدنية وقتل المزيد من الأبرياء العزل.