أخلاق القرية

أخلاق القرية

أخلاق القرية

 العرب اليوم -

أخلاق القرية

بقلم : أسامة غريب

كان الرئيس السادات رحمه الله يكثر من الحديث عن أخلاق القرية ويدعو شعب مصر إلى نبذ المرذول من السلوك، والعودة إلى الجذور وتمثُّل واحتذاء سلوك أهل الريف الطيبين مع اعتماد نموذجهم باعتباره الكتالوج الواجب أن يهتدى به الجميع. وكانت زياراته المتعددة لقريته ميت أبوالكوم تؤكد إخلاصه لما يدعو إليه، خصوصًا حين يرتدى الجلباب البلدى ويمسك بالعصا كأنه عمدة ريفى، ثم يستدعى وسائل الإعلام لعقد مؤتمرات صحفية يشرح فيها للعالم رؤاه ووجهات نظره.. كل هذا ليؤكد على أهمية العودة إلى أخلاق القرية.

كان السادات يقصد بالطبع الشهامة والكرم والتكاتف فى الملمات، ونجدة المستجير وغيرها من فضائل الفلاحين.. وعلى ذكر هذا لا بد أننا نذكر مشهد وقوع البقرة فى الحفرة فى فيلم الأرض ليوسف شاهين واستنفار أهل القرية جميعًا لإخراجها، ولا بد أن هذا كان حاضرًا فى خيال السادات وهو يتحدث عن قيم وأخلاق القرية. ولا أدرى ما إذا كان الرجل يجهل أو يتجاهل أن التكاتف فى الكوارث فى الريف سببه الأساسى هو غياب الخدمات التى تقدمها الدولة للفلاحين وتركهم يحلون مشاكلهم بأنفسهم، ومن هنا جاء اعتمادهم على ذواتهم ليسدوا هذا النقص الفادح فى الرعاية! كذلك نسى السادات فى غمرة حماسه للقرية وأخلاقها، وفى غمرة غضبه وسخطه على الأفندية الأراذل من أهل المدينة الآثمين الذين جرؤوا على معارضة سياساته وهو كبير القعدة ورب العائلة، كما كان يطيب له أن يصف نفسه!.. لقد نسى أن نوعًا آخر من أخلاق القرية كان قد بدأ ينتشر ويغزو القطر بأكمله رغم تباين السمات الخاصة بكل منطقة جغرافية على حدة، فمثلا سكان السواحل والموانئ يتسمون فى العادة بالنشاط والحركة والفهلوة، وسكان البادية والصعايدة يتسمون بالصلابة والقساوة ورفض الحلول الوسط وهكذا.

رغم هذا فإن القرية المصرية كانت قد بدأت تستنسخ نفسها على شكل أحياء عشوائية داخل المدن، أحياء ليس بها شوارع، وإنما حوارى ضيقة، بيوتها بدائية متلاصقة تخلو من الخدمات والمياه النظيفة والصرف الصحى، أى أنها قرى ريفية بمعنى الكلمة فى قلب القاهرة وعواصم المحافظات!. ولو كان الرئيس السادات بيننا اليوم لفجعه منظر عشرات القرى داخل المدن، مع الغياب التام لأخلاق القرية التى كان يتغنى بها وكأنها يوتوبيا أفلاطون، وبروز نوع آخر من الأخلاق موطنه الأصلى هو القرية أيضا ودعامته ثقافة الرضا بالمقسوم وممالأة الظالم، ونفاق كل صاحب نفوذ، والعين التى لا تعلو على الحاجب، واللى يتجوز أمى أقول له يا عمى، وإن كان لك عند الكلب حاجة قل له يا سيدى.. كل هذه أمثال ريفية، وقد نشأت فى عصور القهر والعبودية وكانت محاولة للبقاء على قيد الحياة فى ظروف غير إنسانية، لكن المؤسف أن هذا الفكر لم يتغير حتى بعد أن تغيرت الأحوال نحو الأحسن.. سادت هذه الثقافة مصر كلها بفعل طغيان القرية على دور المدينة الحضارى، وما زلنا ننعم بأخلاق القرية التى بشّر بها وسعى إليها كبير العائلة!.

arabstoday

GMT 08:20 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

جبر.. وفن الحوار

GMT 08:15 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

خطوة بحجم زلزال

GMT 08:07 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

كوزموبوليتانية الإسلام السياسي

GMT 07:58 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

بور سعيد «رايح جاي»!

GMT 07:51 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

سيدة الإليزيه!

GMT 07:43 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

الأسئلة الصعبة؟!

GMT 07:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

العودة إلى الميدان!

GMT 07:22 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

إبادة شاملة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخلاق القرية أخلاق القرية



البدلة النسائية أناقة انتقالية بتوقيع النجمات

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 05:11 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

إسرائيل والزمن

GMT 06:05 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

إسرائيل... وأوان مواجهة خارج الصندوق

GMT 04:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

ترامب يفرض رسومًا جديدة للحصول على إتش- 1 بي

GMT 13:52 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هل يوقظ شَيْبُ عبدالمطلب أوهام النتن ياهو ؟!

GMT 03:19 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب

GMT 03:38 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

سلسلة انفجارات متتالية تهز مدينة غزة

GMT 03:23 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

«أبل» تستعد لإطلاق أرخص «ماك بوك» في تاريخها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab