أسطورة الأم المثالية

أسطورة الأم المثالية

أسطورة الأم المثالية

 العرب اليوم -

أسطورة الأم المثالية

بقلم:أسامة غريب

  ما إن يهل عيد الأم من كل عام حتى تتهيأ القنوات التليفزيونية لتقدم لنا امرأة أو أكثر يقولون إنها الأم المثالية، ثم تمضى البرامج فى مواعظ وبكائيات مفروض أن نحبها ونتأسّى بها.

لا أخفيكم أننى أفزع من فكرة أن يكون هناك شخص مثالى.. هذه الأصناف تُخيفنى، ولا أشعر معها بالأمان أو نحوها بالتقدير، وتُعيد هذه الصفة تذكيرى بالعيال، الذين زاملونى فى المدرسة والجامعة ممن لم يُحسنوا فى حياتهم سوى المذاكرة وحفظ المقررات.. هؤلاء الذين كانوا أقرب إلى الروبوت البشرى دون حياة أو روح، وإنما لهاث من أجل الدرجات العالية ورضا الأساتذة والفوز بلقب الطالب المثالى على حساب الصبا الجميل الملىء بالضحك والمرح والمشاغبة. كنت أشعر بالضيق من هؤلاء الزملاء، ولا أحس بأى شىء يربطنى بهم، خاصة أن تعلقهم بأستار المدرسين وسعيهم لاكتساب محبتهم كان ثمنه فى الغالب القيام بدور الواشى أو المواطن الشريف!. كذلك إذا نظرت إلى الموظف المثالى أو العامل المثالى فى بعض المؤسسات فلن تجده شخصًا طبيعيًّا ممن يمكن مصادقته، وإنما ستجد فى الغالب كيانًا بلاستيكيًّا أقرب إلى الزومبى، وستجده مشغولًا بالمنافسة وتحقيق الفوز لإرضاء المدير، دون أن يحفل بالروابط الإنسانية، التى يصعب أن يكون المتمسك بها والحريص عليها مثاليًّا!.

وبالنسبة للأمهات لم أفهم أبدًا لماذا يجب على الأم أن تكون مثالية؟. ألَا يكفى أن تكون سيدة عادية تفعل ما عليها تجاه بنيها وبناتها؟. لقد تعودنا أن يأتونا كل عام بسيدة يقدمونها على الشاشات بحسبانها أرملة مات زوجها وترك معها أطفالًا صغارًا، فرفضت الزواج، ونذرت نفسها لأولادها، وعاشت محرومة من كل مباهج الحياة حتى تخرّج الأبناء فى الجامعة، وأصبحوا من ذوى المراكز المرموقة.

إن هذه القصة أصبحت تصيبنى بالضيق لأنها مستقاة من زمن الأفلام البالية لعزيزة أمير وفاطمة رشدى. ماذا لو تزوجت هذه السيدة برجل يصونها ويسعدها، فتربى أولادها وتصل بهم إلى نفس النتيجة؟. ماذا لو حافظت على صحتها، وشاركت أولادها الطعام، ولم تحرم نفسها من اللقمة؟.. ألَا تكون أمًّا جيدة إلا إذا أصابتها الأمراض نتيجة الحرمان؟. أنا أعلم حقيقة الفقر الفارش ملاءته على الناس، وأدرك أن الأحوال المادية للكثير من الأسر تجعل الأم والأب يؤثران الأطفال على نفسيهما، لكن الأم التى تسرع نحو الأنيميا والفشل الكلوى لا تسدى خدمة للأولاد، ومن الأفضل أن تأكل معهم حتى لا تموت وتتركهم للضياع والتشرد. ثم إن حدوتة التضحية حتى يكبر الأولاد ويتخرجوا فى الجامعة ويصبحوا من نجوم المجتمع لم تعد واقعية أو معقولة، والواقعى أنهم يتخرجون بلا تعليم حقيقى، ولا يجدون عملًا، وبذلك يُضيعون على الأم فرصة أن تكون مثالية بالمعايير التليفزيونية!. والحقيقة أن الشركات والمؤسسات الخاصة لم تعد تعين أبناء الشقيانين، والوظائف المرموقة صارت محجوزة بعيدًا عن أولاد أى امرأة مكافحة فقيرة.

الأم المثالية هى شىء غير بشرى وغير طبيعى، والإصرار على وجودها يجعلهم يكذبون ليخترعوها اختراعًا!.

arabstoday

GMT 03:23 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

عن الحرب مجددًا

GMT 00:56 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

المساومة على رفح؟

GMT 00:53 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

رعب خارج الشاشة

GMT 00:51 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

ضرورة الإصلاح الديني المؤسسي

GMT 00:49 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

السؤال الشائك في السودان

GMT 00:46 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

هل يكتب السياسيون في الخليج مذكراتهم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسطورة الأم المثالية أسطورة الأم المثالية



الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:21 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

بايدن يؤكد استعداده لإعادة إعمار غزة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد استعداده لإعادة إعمار غزة

GMT 16:23 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

نقل زوجة عمران خان إلى السجن
 العرب اليوم - نقل زوجة عمران خان إلى السجن

GMT 01:27 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي على غزة وجنوب رفح

GMT 16:51 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

تثبيت سعر الفائدة في أستراليا

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

إطلاق نار على رجل أعمال كندي في مصر

GMT 03:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

شهيدان وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي جنوب رفح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab