ومَضَى تروماى العُمر

ومَضَى تروماى العُمر

ومَضَى تروماى العُمر

 العرب اليوم -

ومَضَى تروماى العُمر

بقلم -أسامة غريب

ذوق الإنسان فى سماع الموسيقى والأغانى يتغير مع السنين، وآراؤه وميوله تتبدل باكتساب الخبرة التى يدفع ثمنها من عمره. زمان كنت أتخذ موقفا صبيانيا مناوئا لأغانى أم كلثوم التى كتبها أحمد رامى، لأننى رأيت أنه ليس من الطبيعى أن أحب نفس الأغانى التى أحَبَها أبى ومن قبله أغرم بها جدى!.. وكانت حجتى كذلك أمام نفسى أن عبدالحليم حافظ معبود جيلنا لم يتغن بأى شىء من كلمات رامى، ولو أن كلماته كانت تصلح للتعبير عن آمالنا وأحلامنا لما تردد العندليب فى أن يغنى لشاعر الشباب. ومن أجل التفوق على الخصوم فى المناقشات كنت أجمع كلمات رامى المعبرة عن الذل والهوان فى الحب، تلك التى كان رامى يتفنن فى نظمها أكثر من غيرها مثل قوله: «عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك» من أغنية ياللى كان يشجيك أنينى، أو مثل قوله: «أنا لو نسيت اللى كان/ وهان علىّ الهوان. أقدر أجيب العمر منين/ وأرجّع العهد الماضى. أيام ما كنا احنا الاتنين/ انت ظالمنى وأنا راضى» من أغنية جددت حبك ليه؟.. أقول كنت أجمع مثل هذه الكلمات لأقيم الحجة على من يعجبه الاستماع لمثل هذه المعانى. ليس هذا فقط، وإنما كنت أستمد الشجاعة والمدد من شاعر جرىء مثل صلاح جاهين رفض هذا الأسلوب تماما وقدم طرحا مخالفا كل الخلاف، فكتب أغنية تمثل ثورة اجتماعية فى الحب تقول كلماتها: «أحسن.. تخاصمنى تخونى أقول أحسن. ما أزعلش أبدا ولا أحزن. ح أحب حد تانى زيّك كده وأحسن».. كلمات غريبة وغير مألوفة بالمرة لحنها سيد مكاوى وتغنت بها سعاد محمد. ولم يكتفّ جاهين بهذا وإنما أتبع أغنية «أحسن» بواحدة أخرى فى نفس الاتجاه لحنها كمال الطويل وغنتها فايزة أحمد وتقول كلماتها: «ياما قلبى قال لى لأ وأنا ألاوعه. لما قلبى انشق شق قلت أطاوعه. كلمة منه كلمة منى. اللى خانى تُبت عنه. حتى لو يوم قلبى رق مش ح اطاوعه».
كان هذا موقفى لفترة طويلة، لكن بعد أن مضى تروماى العمر وانفرط عقد السنين وجدت نفسى أعود شيئا فشيئا لكلام الناس العاقلين ولرأى الكبار الذين عرفوا قيمة رامى ولم ينظروا إليه بالخفة والاستهتار اللتين نظرت بهما فى السابق إليه. رأيت رامى المحب المتفانى الذى يعبر عن وجدان العاشقين أصدق تعبير بصرف النظر عن نزق النزقين أمثالى، وصرت أسأل نفسى: ألا يحق للناس أن تميل إلى ما يريحها دون وصاية من العيال الذين تدفعهم الشقاوة للتنمر على الأعمام؟. كما أصبحت أفصل تماما بين التذلل فى الحب كتعبير عن عاطفة صافية ووجدان مشتعل وبين صفات المحب نفسه الذى يمكن أن يكون رجلا محترما «ملو هدومه». لقد زاد حبى لرامى وتعلقى به لأننى رأيته افتدى بنفسه ملايين الرجال ممن وافقت معانيه هواهم وقَبِل أن يكون هذا الذليل فى الحب رغم أنه لم يكن فى حقيقته إلا رجلا شامخا أبيا.

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومَضَى تروماى العُمر ومَضَى تروماى العُمر



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab