ظلم مسكوتٌ عنه

ظلم مسكوتٌ عنه

ظلم مسكوتٌ عنه

 العرب اليوم -

ظلم مسكوتٌ عنه

بقلم : أسامة غريب

اشتهر عمر بن الخطاب بين الناس بالعدل، وهو صاحب المقولة الشهيرة: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟. وكانت هذه العبارة هى خاتمة القصة المعروفة التى رواها أنس بن مالك، والتى تحكى أن قبطيًّا مصريًّا قد تسابق مع ابن عمرو بن العاص، الذى كان واليًا على مصر، فسبقه، فما كان من الفتى المهزوم إلا أن أمسك بالسوط، وانهال على المصرى بالضرب، قائلًا، فى استنكار: أتسبق ابن الأكرمين؟. بقية الحكاية تقول إن الفتى قد وصل إلى المدينة، وشكا لأمير المؤمنين، الذى لم يتردد فى استدعاء الوالى ابن العاص ومعه ولده المارق، ثم أمر المصرى بأن يقتص لنفسه قائلًا: اضرب ابن الأكرمين.

دلالة هذه الحكاية الواضحة أن عمرًا لم يكن يعجبه الحال المائل، ولم يكن يسمح بأن يقوم الولاة وأبناؤهم بظلم الناس، وهذا شىء طيب بالتأكيد، ومع هذا فإن القصة تستدعى فى الذهن بعض التساؤلات التى لم يخبرنا التاريخ بإجاباتها.

من الواضح أن الفتى الذى تسابق مع ابن الوالى كان «ابن ناس»، وأن أهله كانوا من الأعيان الموسرين وإلا لما استطاع أن يحظى بصحبة ابن الحاكم ويلعب معه، ومما يعزز هذه الفرضية أيضًا قدرة الفتى ومعه والده ونفر من أهله على تجهيز ركب يشق طريقه من القاهرة عابرًا صحراء سيناء ويدخل إلى فلسطين ثم يعرج من الشام على الجزيرة العربية ليصل بعد أيام طويلة إلى مقر الخليفة بالمدينة المنورة.

 

كل هذه المشقة والتكلفة حتى يأخذ حقه ولا يعيش بألم الظلم الذى لا يستحقه، وهذه بالتأكيد شجاعة تستحق الإعجاب من مصرى لا يملك السلطة، لكن لديه من الكبرياء ورفض الضيم الشىء الكثير. ويبدو أن حكاية الدلال الذى يحظى به أبناء الحكام لم تتوقف حتى عصرنا الحالى، وكلنا يعرف كيف كان يتعامل أبناء صدام حسين مع الناس فى مضمار الرياضة وغيرها وكذلك أبناء القذافى الذين اعتبروا ليبيا ملكًا لهم، ولا ننسى أيضًا الدورات الرمضانية فى كرة القدم، والتى كان يشارك فيها جمال وعلاء مبارك، وكيف كان فريقهما يفوز بالدورة كل سنة دون أن يجرؤ فريق على هزيمتهما فى أى مباراة!.

نعود إلى قصة الفتى المصرى مع ولد ابن العاص، ونقول إن الفتى لم يكن له أن يلجأ لعمر لو أنه وجد الإنصاف من الوالى ابن العاص، ورغم أن الخليفة العادل قد أنصفه فإنه يحق لنا أن نسأل: كم مصريًّا من العامة والفقراء قد تعرض للظلم على أيدى الحكام فى ذلك الوقت؟ وإذا كان ابن الأكابر قد استطاع أن يأخذ حقه، فماذا كان مصير الآخرين الذين لم يستطيعوا السفر إلى مقر الخليفة؟. للأسف، فإن هذه القصة، وهى تدل على العدل، فإنها كشفت عن قدرٍ كبيرٍ من الظلم مسكوت عنه.

arabstoday

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

GMT 03:06 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

من أشعل حرب طرابلس؟

GMT 03:03 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

لبنان... إحياء اتفاقية الهدنة أمر أكثر من ضروري

GMT 02:58 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مكاسب زيارة ترمب

GMT 02:55 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

الاندماج في المنظومة العالمية لا يمنع نقدها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظلم مسكوتٌ عنه ظلم مسكوتٌ عنه



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 15:22 2025 الأحد ,18 أيار / مايو

لماذا ترفع العقوبات عن دمشق؟

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة

GMT 01:31 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

25 قتيلاً في عواصف عنيفة في أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab