ليس هكذا يجب أن تُدار شؤون الدولة

ليس هكذا يجب أن تُدار شؤون الدولة

ليس هكذا يجب أن تُدار شؤون الدولة

 العرب اليوم -

ليس هكذا يجب أن تُدار شؤون الدولة

حسن نافعة

جميل أن يوجه رئيس الدولة المصرية دعوة مفتوحة لحوار مع مختلف القوى لدراسة سبل التعامل مع أزمة السد الإثيوبى. فقد فهمت من هذه الدعوة أن هدفها المعلن هو إعادة التأكيد على حرص رئيس الدولة على عدم الانفراد باتخاذ القرارات، خاصة فى الأمور التى تتعلق بأمن مصر ومصالحها الوطنية العليا. وهذا هدف نبيل ومحمود بلاشك، ومن ثم يستحق التحية، شريطة توافر حسن النية من جانب الداعى، وألا تكون دعوته مجرد مناورة سياسية لتسجيل نقطة على حساب المعارضة. وجميل أيضاً أن يسارع البعض بالاستجابة الفورية لهذه الدعوة، خصوصاً من جانب متحدثين باسم قوى كانت قد طالبت بسحب الثقة من رئيس الدولة، وإجراء انتخابات مبكرة. فقد فهمت من سرعة هذه الاستجابة رغبة بعض القوى فى إثبات أنها لا تعارض من أجل المعارضة، وأنها لا تقل حرصاً عن غيرها على تغليب مصالح الوطن وأمنه فوق مصالحها الحزبية الضيقة، وعلى أتم استعداد للاصطفاف وراء القيادة السياسية فى أوقات المحن والشدائد، بصرف النظر عن أى خلاف حزبى أو عقائدى معها، وهذا بلاشك هدف نبيل ومحمود أيضا، شريطة أن تكون النية حسنة وخالصة لوجه الله والوطن، وليس مجرد مناورة من جانب البعض لتحويل الأزمة إلى فرصة لتسجيل نقطة لصالحه. ولأننى اعتدت، عند متابعتى مثل هذه الأحداث، أن أبدأ بافتراض توافر حسن النية لدى جميع الأطراف، مع التحسب، فى الوقت نفسه، لاحتمال ألا يكون هذا الافتراض مبنياً على تقديرات صحيحة، فقد كان علىّ متابعة ما يجرى من تفاعلات حول هذه المبادرة ببعض الحذر، تحسباً لكل الاحتمالات، ثم راح الحذر يتحول إلى خشية من العواقب، خصوصاً حين فوجئت باللقاء مع رئيس الدولة مذاعاً على الهواء مباشرة، ثم تحولت الخشية إلى شعور بخوف حقيقى على مصر، خصوصاً حين تكشفت بعض الملابسات المتعلقة بكواليس هذا اللقاء، وأصبحت الآن على يقين تام بأن شؤون الدولة المصرية أصبحت تُدار الآن بطريقة عشوائية تماماً. أعترف بأن ذهولاً حقيقياً انتابنى حين تبينت، أثناء متابعتى البث المباشر، أن بعض المدعوين لم يكونوا على علم بأن اللقاء مع رئيس الدولة يذاع على الهواء مباشرة. ولم أدرك هذه الحقيقة إلا بعد أن لمحت ورقة بهذا المعنى يتم تمريرها إلى أحد الحضور أثناء إلقائه كلمته، بدا واضحاً من تعليقه أنه فوجئ بها، لكن بعد أن كان قد تجاوز بالفعل خطوطاً حمراء لم يكن ليخوض فيها مطلقاً لو أنه كان قد علم مسبقاً بأمر البث المباشر. كان علىّ أن أنتظر حتى وقت متأخر من المساء قبل أن أدرك أن الأوضاع أكثر خطورة مما تبدو على السطح. فقد فهمت مما قيل فى جلسة حوار، أدارها الإعلامى المتميز يسرى فودة، أن الدكتور عمرو حمزاوى اشترط لحضور اللقاء أن يكون علنياً، وأن مساعدة الرئيس، التى وجهت إليه الدعوة بنفسها، أكدت له أن اللقاء سيذاع كاملا على الهواء مباشرة. هنا تحول شعورى بالذهول إلى شعور بالصدمة، وأدركت أننا إزاء طامة كبرى، تمس الطريقة التى تدار بها شؤون الدولة فى تلك المرحلة، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها: 1- كان عمرو حمزاوى هو الوحيد الذى علم مسبقاً بأن اللقاء يذاع على الهواء مباشرة. ولأن هذا «الانفراد»، بصرف النظر عما إذا كان مقصوداً أم غير مقصود من جانب الجهة المنظمة، منح صاحبه ميزة لم تُمنح لغيره لاختيار كلماته مسبقاً ومخاطبة الرأى العام عبر شخص الرئيس وفى حضوره، فليس من المستبعد أن يستخدم ما حدث وسيلة لإثارة اللغط بين صفوف المعارضة، ولإحداث المزيد من الوقيعة بين فصائلها المختلفة التى لم تعد تحتمل المزيد. 2- بدا اللقاء، فى ظروف كهذه، كأنه أقرب إلى حملة علاقات عامة لتحسين صورة الرئيس، منه إلى عملية جادة لترشيد إدارة أزمة شديدة الخطورة تهدد أمن مصر الوطنى. ولم يكن الشعب المصرى فى حاجة إلى حملة إعلانية بقدر ما كان فى حاجة إلى إثبات توافر عنصر الجدية. 3- أعطى اللقاء فى مجمله انطباعاً سيئاً جداً عن الطريقة التى تدار بها شؤون الدولة فى مصر فى هذه المرحلة، وجعل القصر الرئاسى فى مصر يبدو أقرب ما يكون إلى «مصطبة» فى قرية تجذب المارة من الراغبين فى الثرثرة وتمضية بعض أوقات الفراغ، أو إلى «طبلية» فى بيت ريفى تجذب حولها كل الطامعين فى كرم صاحب الدار. ما جرى يوم الإثنين الماضى أكد لى، مرة أخرى، وبما لا يدع أى مجال للشك، أن مصر الدولة لم تعد فيها مؤسسات تحظى بالقدر الكافى من المهابة والاحترام، وأن مؤسسة الرئاسة ربما تكون أولى المؤسسات التى يتعين إعادة بنائها من جديد. فليس هكذا يجب أن تدار شؤون الدولة المصرية نقلا عن جريدة "المصري اليوم "

arabstoday

GMT 00:47 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

المخل وخلانه

GMT 00:43 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

زهرات عنيفة

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

GMT 00:26 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

حياة المدنيين: البقاء للأجدر بالعدالة!

GMT 00:22 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

صناعة النفط في نمو مطرد

GMT 00:17 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

«وعد الدولتين» بعد «وعد بلفور»

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

إيران ومظاهرات جامعة هارفارد

GMT 23:20 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

مبادرة بايدن.. «تجزئة الجزيء»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس هكذا يجب أن تُدار شؤون الدولة ليس هكذا يجب أن تُدار شؤون الدولة



الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ العرب اليوم

GMT 02:38 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

زيلينسكي يوجه "رسالة" إلى إسرائيل بشأن حرب غزة
 العرب اليوم - زيلينسكي يوجه "رسالة" إلى إسرائيل بشأن حرب غزة

GMT 00:43 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

أول من استعاد الأرض

GMT 17:09 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

بايرن ميونيخ يقترب من ضم جوناثان تاه

GMT 22:27 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

انهيار مبنى في الجزء الأوروبي من إسطنبول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab