مخاطر الاستقطاب

مخاطر الاستقطاب

مخاطر الاستقطاب

 العرب اليوم -

مخاطر الاستقطاب

حسن نافعة

لا تزعجنى الخلافات السياسية حول مشروع الدستور، بقدر ما يزعجنى عمق الانقسام المجتمعى الذى أدت إليه. وإذا كانت الخلافات السياسية قد أخذت فى البداية شكل تباين فى وجهات النظر بين فريقين، أحدهما يوافق على مشروع الدستور، والآخر يرفضه، فقد راح الخلاف السياسى بينهما يتحول تدريجياً، فى ظل عمليات شحن وتعبئة لم تتوقف على الجانبين، إلى صراع عقائدى اختلطت فيه الأوراق، أصبح ينذر بأوخم العواقب، ويهدد مستقبل البلاد. على السطح يتجلى صراع بين معسكرين يحاول كل منهما فرض إرادته السياسية على الآخر. فهناك معسكر تشكله فصائل مختلفة، لكنها تبدو موحدة حول «مشروع حضارى» يعبر عنه تيار الإسلام السياسى الذى يصر على ضرورة الإسراع بالاستفتاء على دستور يرى أنه يشكل لبنة أولى على طريق تحقيق هذا المشروع. وهناك معسكر آخر تشكله فصائل سياسية أخرى مختلفة أيضاً، لكنها تبدو موحدة حول «مشروع ديمقراطى» ترى استحالة وضعه موضع التطبيق إلا إذا سقط الدستور المطروح حالياً للاستفتاء. أما فى العمق، فتبدو الأمور أكثر تعقيداً مما هى ظاهرة على السطح. فلا التصويت بـ«نعم» على الدستور المطروح للاستفتاء يكفى لإطلاق المشروع «الحضارى» الذى تعدنا به فصائل الإسلام السياسى، ولا التصويت بـ«لا» فى هذا الاستفتاء سيطلق المشروع «الديمقراطى» الذى تعدنا به بقية الفصائل. فمن الواضح أن أياً من المعسكرين المتصارعين لا يملك مشروعا حقيقياً للنهضة، وأن الوحدة التى تتجلى فى موقف الفصائل المختلفة لكل منهما حول الدستور تخفى فى طياتها انقساماً عميقاً حول معظم القضايا الأساسية الأخرى. لذا فإن المشكلات التى تنتظر المصريين بعد الاستفتاء على الدستور، سواء صوتت الأغلبية عليه بلا أو بنعم، تبدو أكبر مما يمكن لهم احتماله. واهم من يتصور أن لدى جماعة الإخوان المسلمين، ومعها السلفيون والوسطيون وجماعات جهادية كانت حتى وقت قريب تكفر المجتمع وتشهر السلاح فى وجهه، تصوراً موحداً حول معنى «الشريعة الإسلامية» يصلح أساساً لمشروع سياسى قابل للتطبيق على أرض الواقع. ويكفى أن نستعيد إلى الأذهان ما كان يقال فى حق جماعة الإخوان المسلمين من جانب الفصائل الإسلامية الأخرى، بما فى ذلك حزب الوسط الأكثر اعتدالاً بين فصائل هذا المعسكر، لندرك هذه الحقيقة بوضوح. وواهم أيضاً من يتصور أن لدى المعسكر الآخر، الذى يجمع الآن بين الثوار والفلول على اختلاف أنواعهم ودرجاتهم، تصوراً موحداً حول معنى «الديمقراطية» يصلح أساساً لمشروع سياسى قابل للتطبيق على أرض الواقع. لذا ليس من المستبعد مطلقاً أن تدخل فصائل هذا المعسكر أو ذاك فى صراع طاحن فيما بينها، بمجرد أن تستتب الأمور لصالحها. وإذا حدث ذلك - وهذا هو الأرجح - فسوف تدخل البلاد فى متاهة جديدة من انقسامات وصراعات ستقود، لامحالة، إلى أشكال جديدة من التحالفات والتحالفات المضادة. كنت قد راهنت إبان الانتخابات الرئاسية، مع قوى وطنية عديدة، على الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، خوفا من حدوث استقطاب بين التيار الإسلامى وبقية الفصائل الأخرى. وبعد خروج «أبوالفتوح» من السباق راهنت مع هذه القوى نفسها على احتمال تمتع الدكتور مرسى بما يكفى من وضوح الرؤية ليصبح رئيساً لكل المصريين. لكن يبدو أن القوى الوطنية التى راهنت على هذا الوعى على وشك أن تخسر الرهان مرة أخرى، ومن ثم فإن احتمالات جسر الهوة بين المعسكرين المتصارعين بدأت تتضاءل بسرعة، فى ظل إصرار جماعة الإخوان وحلفائها على الذهاب إلى الاستفتاء الفورى على دستور معيب. فهل أصبحنا فى وضع ميؤوس منه؟ ومتى ندرك أنه لن يستطيع بناء نظام ديمقراطى يتسع لمشاركة الجميع سوى تحالف تاريخى بين قوى الاعتدال الإسلامى، من جانب، وبقية القوى التى ساهمت فى صنع ثورة يناير، من جانب آخر؟ أما قوى التطرف على الجانبين، والتى يضمها تحالف طبيعى مع فلول النظام السابق، فلن تصنع سوى الخراب لهذا البلد الأمين. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

arabstoday

GMT 08:20 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

جبر.. وفن الحوار

GMT 08:15 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

خطوة بحجم زلزال

GMT 08:07 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

كوزموبوليتانية الإسلام السياسي

GMT 07:58 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

بور سعيد «رايح جاي»!

GMT 07:51 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

سيدة الإليزيه!

GMT 07:43 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

الأسئلة الصعبة؟!

GMT 07:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

العودة إلى الميدان!

GMT 07:22 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

إبادة شاملة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاطر الاستقطاب مخاطر الاستقطاب



البدلة النسائية أناقة انتقالية بتوقيع النجمات

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 05:11 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

إسرائيل والزمن

GMT 06:05 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

إسرائيل... وأوان مواجهة خارج الصندوق

GMT 04:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

ترامب يفرض رسومًا جديدة للحصول على إتش- 1 بي

GMT 13:52 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هل يوقظ شَيْبُ عبدالمطلب أوهام النتن ياهو ؟!

GMT 03:19 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab