«الطبيعة ما سكتت عليهم»

«الطبيعة ما سكتت عليهم»!

«الطبيعة ما سكتت عليهم»!

 العرب اليوم -

«الطبيعة ما سكتت عليهم»

بقلم - حسن البطل

خالة ناهدة درباس، الطيراوية المقيمة في حيفا «انحرق» قلبها وبكت على قبور الأجداد التي صارت مسودة الشواهد في الطيرة..، لكن لناهدة، شقيقة ساهرة درباس، تحليلها البيئوي للكارثة.. بما يقودنا إلى كارثة تجفيف بحيرة الحولة، الذي طنطنت له الصهيونية كإنجاز لتحويل السبخات والمستنقعات إلى أرض زراعية خضراء.

تعليقات الصحف الإسرائيلية تأخذ الجانب الفني (قصور وعدم كفاية أجهزة الإطفاء. عدم وجود طائرة واحدة لإطفاء الحرائق)، والجانب الإداري (تقصير وزارة الداخلية و»الجبهة الداخلية» في الاستعداد لكوارث الطبيعة).

ما حدث هو حريق يعدّ الأكبر والأخطر في إسرائيل، وليس زلزالاً أمنياً وصفوه، في حينه، بالتقصير «محدال».. هذا «محدال» سلامة مدنية كشف دولة الأمن الأولى في العالم، وذات سلاح الجو الأقوى والأحدث من دول أوروبية رئيسية، باعتبارها دولة عالم ـ ثالثية، لا تتوفر فيها طائرة إطفاء وواحدة، ولا مخزون من «البودرة» المضادة للحرائق.

لنعد إلى بحيرة الحولة، حيث تسبب ردمها في نشوء ظاهرة تخمّر طبيعية من نباتات البوص المدفونة، وغازات وحرائق صغيرة.. ومن ثم اضطروا لفتح قنوات مياه في البحيرة لتنساب إلى بحيرة طبريا!
الصهاينة لم يحترموا البيئة والتربة والغشاء النباتي الطبيعي في البحيرة (وشعب البلاد)، ولم يحترموها في جبل الكرمل. همهم «سويسرا الشرق» وغابات وصنوبر سويسري سريع النمو وسريع الاشتعال، على حساب شجر ونباتات بيئوية فلسطينية هي بنت التربة والطبيعة، ملأى جذوعها بالماء، مثل الصبر والخروب على أنواعه، والبلوط.. والتين والزيتون.

في النتيجة؟ «الطبيعة ما سكتت عليهم» كما تقول ناهدة. هم يفهمون بحاجاتهم لا بحاجاتها.. ويتغذون على الطبيعة كيفما بدا لهم. يريدون أن يشعروا أنهم «في أوروبا» وسويسرا الشرق، عن طريق محو الطابع المحلي الشرق أوسطي. اشتغلوا على تحوير وتغيير طابع الطبيعة، بزرع غابات أوروبية كثيفة غير ملائمة لمناخ البلاد.

سخرية الصحف الإسرائيلية لاذعة حقاً: كم ثمن طائرات إطفاء مقابل طائرة «أف 16» واحدة؟ وكيف فضح الحريق هشاشة أنظمة السلامة العامة في دولة الأمن الأولى عالمياً؟ يوجد كثير من المال للاستيطان و»للحريديم» ومدارسهم، ولجدار الفصل، ومختلف «القبب» المضادة للصواريخ.. لكن لا تتوفر رغوة كافية في مخازن الطوارئ (يلزم إسرائيل مخزون من 1000 طن والموجود لا يتعدّى 50 طناً)، علماً أن «تقصير» حرب 1973 نسب، جزئياً، إلى حال سيئة لمخازن الطوارئ العسكرية.. وهذا التقصير ينسب، جزئياً، إلى حال سيئة لمخازن الطوارئ المدنية.

حديثاً، أقاموا قيادة «جبهة داخلية» برئاسة جنرال لإعداد البلاد لكوارث حربية (هي في الخيال أكثر من الاحتمال). فكيف لم يحتاطوا لأجهزة الدفاع المدني وتعزيزها بالعناصر والمعدات (نسبة دولية لعدد الاطفائيين لكل ألف مواطن).

خطر الحرائق يزداد مع خريف حار وجاف، وتفاعل الأوراق المتساقطة تفاعلاً كيماوياً، والإسرائيليون أعلنوا أنه الشتاء الأكبر جفافاً خلال 150 سنة الأخيرة. الطقس المثلج في أوروبا يعني رياحاً غربية جافة.. ويعني «ريح على نار».

بعض النار صنعت حرائق صغيرة حتى في غابات شمال النقب، حيث يريدون هناك أيضاً «أوروبة» المشهد الطبيعي بغابات كثيفة مروية من الرافد القطري للمياه (بحيرة طبريا).

صحيح أن أشجار الصنوبر والسرو موجودة في فلسطين منذ القدم (وحتى في أريحا ذاتها) ولكنها متفرقة ومتأقلمة مع مناخ البلد، مثلما تأقلم «صنوبر رام الله» الفريد مع أزمان كانت فيه رام الله باردة شتاءً ومعتدلة صيفاً.. وهذا تغيّر أيضاً.

في السنوات الأخيرة بخاصة، تعرضت غابات دول أوروبية متوسطية، بما فيها قبرص، لحرائق هائلة، وكذا الغابات الروسية. لم يقل أحد إنها «تدبير مدبر» بل نتيجة تبدلات المناخ نحو سخونة أكبر.

في مطلع سنوات الانتفاضة الأولى نشبت حرائق متعددة، ضيقة النطاق، شمال إسرائيل، وتحدثت صحف إسرائيلية عن شكوك حول «حرب نار» فلسطينية.. وعندما أشارت «فلسطين الثورة» إلى الرواية الإسرائيلية.. اتخذوا الإشارة دليلاً على النية العمد، رغم أنها مأخوذة من مصادرهم!
عملية تحوير إسرائيل بلداً أوروبياً تمتد لتشمل مستوطناتها في الضفة، حيث كل مستوطنة مزنّرة بأشجار سريعة الاشتعال، بدل الأشجار المحلية ذات الجذع الثخين، الذي يحوي ماء كالتين والزيتون والصبر والبلوط والخروب.

في كارثة متعددة الفروع، تبقى هناك نقطة مضيئة واحدة، وهي محاولة إخلاء السجناء (الفلسطينيين والإسرائيليين)، ودفع العديد من رجال أمن السجون حيواتهم مقابل هذا.. لكن، إذا اعتبرت حكومة نتنياهو فقد تقوم بنفضة شاملة في أجهزة الطوارئ والدفاع المدني، وكذا بإقالة بعض الوزراء المتقاعسين، مثل وزير الداخلية الذي كل همه الاستيطان وأموال مدارس «شاس».

تظل حيفا المدينة الأثيرة لدى قلوب الفلسطينيين، و»الكرمل» هو الجبل الأجمل.. وحزن الفلسطينيين كبير فعلاً، لأن الأرض أرضهم في الأصل.

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الطبيعة ما سكتت عليهم» «الطبيعة ما سكتت عليهم»



GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية

GMT 18:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab