عن إرهاب الطبقة السياسية

عن إرهاب الطبقة السياسية!

عن إرهاب الطبقة السياسية!

 العرب اليوم -

عن إرهاب الطبقة السياسية

طلال سلمان

لا حياة سياسية في هذا الوطن الصغير الذي يتنفس أهله السياسة بأبعادها العربية والدولية ويتخذونها موضوعاً مفضلاً لأحاديثهم نهاراً ولمسامراتهم ليلاً.
الدولة بمؤسساتها جميعاً في إجازة مفتوحة: الرئاسة الأولى يدوي الفراغ في قصرها المنيف في بعبدا، والرئاسة الثانية معطلة الفعل بحكم التعطيل القسري للمجلس النيابي حتى لا ينتخب رئيساً جديداً خلفاً للمنتهية ولايته، أما الرئاسة الثالثة ـ ومعها مجلس الوزراء ـ فمعطلة لأن الذين توافقوا على تشكيلها يختلفون على كيفية اعتماد قراراتها وبأي قدر من أصوات وزرائها تتخذ مع مراعاة توزعهم على الطائف والمذاهب.
السياسة، فعلياً، من اختصاص الخارج... ومن أراد ان يتعاطى السياسة، فعليه ان يغادر إلى العواصم المذهبة القريبة، أو إلى العواصم الأنيقة البعيدة. على ان هذا لا يمنع المحترفين من أهل السياسة عن الحديث بلهجة العارف عما سيكون سواء في أوكرانيا أم على جبهات "داعش" في العراق، أو على جبهة "النصرة" و"جيش الإسلام" في سوريا... وصولاً إلى مختلف أنحاء بيروت، والضاحية تحديداً.
ولأن أهل النظام يشكلون "طبقة سياسية" متوافقة على الأهداف وإن اختلفت الوسائل والأساليب، فقد رموا الأجهزة الأمنية بعلتهم القاتلة: الطائفية، بل المذهبية، ثم انسلوا هاربين من مسؤولياتهم تاركين هذه الأجهزة، بقياداتها وعناصرها، في مواجهة الناس... والقوانين والأنظمة أحياناً.
ولقد تم تضخيم دور الأجهزة الأمنية لتعويض العيوب المدمرة في الحياة السياسية ومؤسساتها. وأمكن تبرير هذا التضخيم مع الحرب في سوريا وعليها، ومؤخراً مع تفجير الحرب في العراق وعليه.
أما "الدولة" المعطلة مؤسساتها فقد اعتمدت سياسة "النأي بالنفس". لكن الإرهابيين ومحترفي القتل الجماعي بالتفجير عن بعد، أو "بالانتحار الاستشهادي" لم يلتزموا سياسة الدولة، بل هم أفادوا من البطالة السياسية التي تشل الدولة ليخوضوا مباراة مكشوفة مع الأجهزة الأمنية... مفترضين انه يمكن اللعب على ولاءات طائفية أو مذهبية محتملة.
ومع التقدير للجهد الذي بذلته الأجهزة الأمنية يوم الجمعة الماضي في الكشف عن "الخلية الإرهابية" التي ربما اختارت "فندق نابليون" بالذات لأن وفود "المؤتمر القومي العربي" كانت تنزل فيه، فقد كان المشهد نافراً، خصوصاً وأن بعض أعضاء هذه الوفود وفيهم مناضلون لهم تاريخ، كانوا يقيمون فيه، وقد لاقوا شيئاً من العنت والاعتقال الكيفي. ومعروف ان هذا المؤتمر يكاد يشكل آخر حصن للعمل الفكري والنضال القومي من أجل مستقبل يليق بكرامة إنسان هذه الأرض.. فأعضاؤه القادمون من مختلف أنحاء الوطن العربي (وغالباً على حسابهم الشخصي) كانوا يستحقون معاملة أكرم، مع الأخذ بالاعتبار الحيثيات الأمنية.
إن الأساس في الأمن هو السياسة. وبلد مثل لبنان يعيش خارج السياسة، مع ان أهله جميعاً مسيّسون، وكلٌ حسب رأيه أو حسب غرضه. وانعدام السياسة يلغي الدولة، خصوصاً في بلد ليس مهيئاً ليكون "دولة أمنية".
إن البطالة السياسية التي تضرب الدولة وتشل قدرتها على معالجة مختلف الشؤون، وصولاً إلى تهديد مستقبل أجيالنا بتعطيل الامتحانات أو التصحيح لإعلان نتائجها، هي جريمة بحق هذا الشعب... ناهيك بالموازنة والمشاريع الموقوفة، والكهرباء المهددة بالانقطاع الدائم ومعها المياه في البلد الذي كانت الينابيع تتفجر في مختلف أنحائه.
إن هذه البطالة تدمر الاقتصاد وتفاقم عجز الخزينة وتشوه سمعة لبنان، الذي حمته المقادير ومبادرة بعض قواه الحية إلى التصدي للمخاطر الإرهابية التي تضرب سوريا من الانتقال إليه،
إن هذه الطبقة السياسية تمارس إرهاباً لا تستطيع "داعش" ان ترتكب أخطر منه. انها تفسد الحاضر وتكاد تدمر المستقبل.
والأخطر: ان هذه الطبقة تمضي في غيها من دون خوف من حساب أو عقاب، فالكل شركاء، والكل يتهم الكل، ولكن الشعب هو ضحية الجميع.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن إرهاب الطبقة السياسية عن إرهاب الطبقة السياسية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab