ليصمت العنصريون  فأفضال السوريين لا تنسى

ليصمت العنصريون .. فأفضال السوريين لا تنسى

ليصمت العنصريون .. فأفضال السوريين لا تنسى

 العرب اليوم -

ليصمت العنصريون  فأفضال السوريين لا تنسى

طلال سلمان

ليست العنصرية طارئة على اللبنانيين، أو أنها قد نبتت فجأة في أرض «وطن الأرز» الذي يتباهى المسؤولون فيه، وكذلك رعاياهم، بأنه «بلد مضياف» ومفتوح أمام قاصديه جميعاً من الباحثين عن إجازة ممتعة أو عن صفقة مجزية، أو عن كفاءات استثنائية يحتاجونها في بلادهم الشقيقة (بشرط أن تكون غنية بالنفط أو بالغاز) لتأمين مصالحهم ومصادر أرباحهم.
العنصرية ركيزة أساسية من ركائز السيادة والقرار الحر.. على أنها لا توجه ضد «الخواجات» الوافدين من «بلاد بره»، فهؤلاء يحظون بالاهتمام وربما بالتكريم، وتقدم لهم التسهيلات كافة، على الصعيد الرسمي وبعض الصعيد الأهلي. للأميركي صدر الدار، وللفرنسي الترحيب الحار، وللبريطاني الحفاوة كاملة، ولأي أوروبي الأهلاً وسهلاً، شرفتمونا. أما «العربي» فبحسب أرصدته في المصارف، أو بحسب موقعه في مجتمعه... و«العرب» درجات: أهل النفط في الطليعة، وأهل الغاز خلفهم مباشرة. أما ناهبو ثروات بلادهم فعلى الرحب والسعة، لا سيما إذا كانوا قد صاروا خارج دائرة المسؤولية والمحاسبة... بل لعلهم متى صاروا «مسؤولين سابقين» تشتد حاجتهم إلى الخبرات اللبنانية العريقة. والتراث اللبناني مميز في حفظ أسرار الصفقات المشبوهة والمال المهرّب وطمس الأدلة وإخفاء آثار الجريمة.
من غير أن ننسى أن النظام اللبناني العظيم وأهله قد رحبوا بأصحاب الأموال والكفاءات وأهل النعمة ورجال المال والأعمال، بل إن النظام نفسه قد منح العديد منهم الجنسية اللبنانية مع امتيازات خاصة ما زالوا يتمتعون بها حتى اليوم.
نكتب هذه الكلمات ونحن نعرف أن أثقال المأساة السورية المفتوحة على المجهول أعظم من أن ينهض بها لبنان، ولكنه قادر بالتأكيد على تحمل بعض جوانبها، وبالدرجة الأولى من اضطرتهم ظروف الحرب المفتوحة في سوريا وعليها إلى ترك ديارهم ومنازلهم فيها ومصادر رزقهم فضلاً عن أسباب أمانهم وعائلاتهم ولا سيما أطفالهم، وخرجوا هائمين على وجوههم إلى أقرب ملجأ يعرفون ولهم صلة ما ببعض أهله.
.. ونعرف أن الجهات الدولية والمرجعيات العربية المثقلة بثرواتها قد بخلت على لبنان، فلم تمد أيديها بالمساعدة المؤثرة، حتى هذه اللحظة، مفترضة أنها بذلك تعاقب النظام السوري، مع وعيها بأنها بهذا الموقف غير الإنساني، فضلاً عن كونه ينافي مبادئ الأخوة، إنما تعاقب لبنان واللبنانيين قبل النازحين السوريين ومعهم.. وقبل النظام في سوريا، على أي حال.
على أن الأشد إيلاماً هي تلك التصريحات النارية في عنصريتها والاستفزازية في تنكرها لأبسط المبادئ الإنسانية، فضلاً عن الأخلاق، والتي يطلقها مسؤولون في الدولة، بينهم وزراء كانت أحزابهم الانعزالية والقومية على حد سواء تطالب بشيء من الاتحاد أو الكونفيدرالية مع الدولة السورية: أيام عزها.
من حق الدولة في لبنان أن تحاول ضبط «اجتياح» الهاربين من جحيم الحرب المفتوحة في سوريا وعليها... وقد تضطر إلى تدابير حازمة، لحصر النازحين وضبط مراكز دخولهم الذي لا بد من تنظيمه حتى لا تكون فوضى، ولا يتسرب من قد يُشتبه بانتمائه إلى «داعش» أو «جبهة النصرة» فينقل معه النار السورية إلى هذا الوطن الصغير بهشاشته مفهومة الأسباب.
وهي قد نجحت حتى اليوم وإلى حد كبير، في ضبط عملية الدخول وتنظيمها، وتحملت الأجهزة المعنية ما يفوق طاقتها مشكورة.
.. هذا مع أن «الدولة» في لبنان تقاطع «الدولة» في سوريا، رسمياً وبذريعة «النأي بالنفس»، وترفض التواصل معها، ولو من أجل مسألة في مثل خطورة «النازحين»، الذين لن يتوقف تدفقهم في المدى المنظور... وبغير الافتراض أن مثل هذا التواصل سيحل الإشكالات الأمنية والأعباء الاجتماعية القائمة.
وهذا هو الواقع يشهد بأن النأي بالنفس مستحيل، خصوصاً وأن مأساة النزوح السوري مستمرة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
اضبطوا الحدود أمنياً، واعتمدوا النأي بالنفس سياسياً، ولكن لا تحمّلوا اللبنانيين شبهة العنصرية والنزعة الفوقية في الحديث عن النازحين السوريين.
لقد جرّب اللبنانيون مرارة النزوح... ولقد استقبلت سوريا أعداداً هائلة منهم، وعلى فترات، خلال دهر حروبهم الأهلية وقبل الحرب الإسرائيلية عام 2006، ومن الطوائف والمذاهب جميعاً، ومن مختلف الانتماءات السياسية، ولم يسمع أي لبناني كلمة واحدة تنم عن عنصرية المواطن السوري تجاهه، بل لقد عامله كأخ جاءه يطلب استضافته أو إغاثته في أيام الضيق.
ليصمت العنصريون الذين يسيئون إلى كرامة اللبنانيين قبل أن يسيئوا إلى كرامة السوريين، الذين يظلون أخوة وشركاء مصير حتى وهم يرزحون تحت أثقال محنتهم الدموية القاسية.

arabstoday

GMT 08:43 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

سيد الأمم المتحدة

GMT 08:05 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

وَمَا سَمِعُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا!

GMT 07:48 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

شمس بنيامين نتنياهو المتمددة الحارقة

GMT 07:21 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

ذكرى «البيجر» وعبرة الأيام

GMT 06:07 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

الفرقة الموسيقية أقوى من صوت كل عازف منفرد

GMT 06:05 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

إسرائيل... وأوان مواجهة خارج الصندوق

GMT 05:52 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

الإسورة ساحت!

GMT 05:48 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

مدن بلا سكان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليصمت العنصريون  فأفضال السوريين لا تنسى ليصمت العنصريون  فأفضال السوريين لا تنسى



الملكات والأميرات والسيدات الأوائل يتألقن في أسبوع من الإطلالات الملوكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:25 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ما كان خيالًا أصبح واقعًا!!

GMT 09:52 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

العمى وعدّاد القتلى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab