مصر الاخوان وخيار غزّة البائس

مصر- الاخوان وخيار غزّة البائس...

مصر- الاخوان وخيار غزّة البائس...

 العرب اليوم -

مصر الاخوان وخيار غزّة البائس

خيرالله خيرالله
في السياسة، هناك ما هو أهمّ من أن تعرف كيف تربح. الأهمّ أن تعرف كيف تخسر. من لا يعرف كيف يخسر، لا يعرف بالتأكيد كيف يربح. لعلّ أسوأ ما في الأمر أن هناك من لا يعرف لا كيف يخسر ولا كيف يربح. هذا ينطبق الى حدّ كبير على الاخوان المسلمين، في مقدّمهم اخوان مصر، الذين سعوا الى استغلال "ثورة 25 يناير" لمصلحتهم أفضل استغلال. فعلوا ذلك من منطلق أنّهم كانوا الحزب الوحيد المنظم في مرحلة معيّنة، هي السنوات الاخيرة من عهد الرئيس حسني مبارك.  يشير الخطاب الاخير للرئيس محمد مرسي الى أن الاخوان المسلمين لا يريدون الاعتراف بالواقع المصري وأنّ همهم الاول يتمثل في تنفيس الاحتقان الشعبي عن طريق اطلاق كلام عن تعديل الدستور أو اشراك الشباب في السلطة. باختصار شديد، يتحدّث مرسي عن أخطاء حصلت ولكن من دون الغوص في طبيعة هذه الاخطاء عارضا على شباب لثورة رشوتهم بمناصب. لا شكّ أن الحديث عن أخطاء يمثّل نوعا من الشجاعة. لكنّ الشجاعة الحقيقية هي في الاعتراف بأن ليس لدى الاخوان المسلمين أي مشروع سياسي أو اقتصادي لمصر أو لغير مصر باستثناء تكرار التجربة الايرانية، أي تجربة "الجمهورية الاسلامية" في بلد نفطي يمتلك أصلا اقتصادا متنوعا. فشلت الثورة الايرانية فشلا ذريعا بعدما رفعت في البداية شعار التخلي عن الاعتماد على النفط ومداخيله. انتهى بها الامر في السنة 2013  الى الاعتماد أكثر فأكثر على الذهب الاسود. واذا اردنا الاعتماد على لغة الارقام التي لا يمكن أن تخطئ، نكتشف (استنادا الى مجلة " ذي ايكونوميست" الجدية) أن نسبة التضخم باتت تفوق الثلاثين في المئة سنويّا وأن نسبة اربعين في المئة من الايرانيين تعيش تحت خطّ الفقر وأن حجم الاقتصاد عموما، في تقلّص مستمرّ، وأن "الجمهورية الاسلامية" لم تستطع في شهر أيار- مايو الماضي تصدير أكثر من سبعمئة ألف برميل من النفط، أي ثلث ما هي قادرة على تصديره وذلك بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها. لا حاجة الى تعداد ما يعانيه المواطن الايراني العادي في شكل عام ولا الى الاضطهاد الذي يتعرّض له أهل السنّة أو الاقلية المسيحية وحتى اليهود... كلّ ما يمكن قوله ان أيران في هروب مستمرّ الى الخارج، أي الى برنامج نووي لا يمكن أن يحلّ أي مشكلة من مشاكلها أو الى العراق ودول الخليج، على رأسها البحرين، وسوريا ولبنان واليمن. ربّما كان افضل ما يمكن ان يختصر المأساة الايرانية اضطرار البلد الى استيراد النفط المكرّر. مشكلة مصر- الاخوان أنه بعد سنة من تولي مرسي الرئاسة، بات على المصري الانتظار في طابور طويل من أجل الحصول على وقود لسيارته وذلك في بلد يفترض أنه قادر على سد حاجاته من الوقود. تختصر ازمة الوقود الى حد كبير الافلاس الاخواني الذي يحاول الرئيس المصري تغطيته بالشعارات احيانا والخطب الفارغة من أي مضمون في أحيان اخرى. ما هو واضح أكثر، أن لا مشرع سياسيا أو اقتصاديا في مصر غير الاستحواذ على السلطة واختراق كلّ الاجهزة والمؤسسات الحكومية على الطريقة الايرانية. هل تسمح ظروف مصر بتكرار التجربة الايرانية بغطاء اخواني، أم أن مرسي وقادة الاخوان الذين يقفون خلفه لن يجدوا في نهاية المطاف غير تجربة غزّة البائسة تطبّق على الصعيد المصري؟ الخوف، كلّ الخوف، أن لا يكون لدى مصر- الاخوان، التي لا تمتلك الامكانات الاقتصادية الايرانية، من خيار آخر غير خيار غزّة التي اقامت فيها "حماس" امارة طالبانية (نسبة الى طالبان) لا مكان فيها سوى للاجهزة الامنية التي تخنق المواطن وتجعله تحت رحمة عصابات التهريب التي تشكّل جزءا لا يتجزّأ من السلطة. كان ملفتا أن خطاب مرسي لم يتطرّق الى المشاكل الحقيقية التي تعاني منها مصر، بدءا بالسياحة والامن المفقود وصولا الى التطرّف ومستقبل مدن القناة والارهاب الذي يبدو انه صارت لديه جذور في سيناء...مرورا بالبرامج التعليمية والزراعة ومياه النيل. قبل أيّام قليلة استفاق الرئيس المصري على السدّ الاثيوبي. قبل ذلك تذكّر أن على مصر اتخاذ موقف من الجرائم التي يرتكبها النظام السوري في حق شعبه وأن ليس ضروريا مسايرة ايران الى هذا الحدّ بغية ممارسة ضغوط على دول الخليج العربي. ما يحاول عمله حاليا هو رشوة الشباب المصري من أجل التراجع عن رفضه لحكمالاخوان. على من يضحك مرسي؟ هذا هو السؤال الكبير؟ هل ايجاد وظائف للشباب في بعض الوزرات او المؤسسات الرسمية المصرية يعتبر كافيا لتهدأ الثورة داخل الثورة، اي لوضع حدّ لعملية خطف الثورة التي بدأها الاخوان؟ الاكيد أن مرسي يسعى مرّة أخرى الى بيع المصريين أوهاما. فالشجاعة لا يمكن أن تقتصر على الاعتراف بحصول أخطاء. الشجاعة الحقيقية تعني، أوّل ما تعني، مواجهة المصريين بما يواجه بلدهم من مشاكل معقّدة لا يمكن حلّها عن طريق أخونة مؤسسات الدولة والتغلغل في كلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد  بالامن والاجهزة الامنية. في النهاية، ان مصر لا يمكن أن تصبح غزّة كبيرة. وما فشل في غزّة، حيث لا يزال هناك من هو متعلّق بثقافة الحياة، لا يمكن ان ينجح في مصر التي فيها مئات آلاف الكوادر الشابة القادرة على القول أن كفى تعني كفى وأن لا بدّ من نقطة بداية. نقطة البداية تكون بالامتناع عن وضع الانتماء الاخواني فوق الكفاءة والانفتاح على كلّ ما هو حضاري في العالم. والحضاري في العالم، لا يمكن أن تكون له علاقة من قريب أو بعيد بالفكر الاخواني المتخلّف. مرّة أخرى، أن تعرف كيف تخسر في السياسة، أهمّ من ان تعرف كيف تربح. المؤسف أن الاخوان لا يعرفون، لا كيف يكون الربح ولا كيف تكون الخسارة...
arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الاخوان وخيار غزّة البائس مصر الاخوان وخيار غزّة البائس



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab