تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ

تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ

تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ

 العرب اليوم -

تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ

بقلم - خيرالله خيرالله

 

أخيراً توقّف المبعوث الأميركي توم بارّاك عن قول الكلام وعكسه في الوقت ذاته. من الواضح أنّ بارّاك لا يواجه ضغوطاً من إدارته كي يضع حدّاً للكلام العامّ الذي يمكن أن يكون موضع أخذ وردّ وإيحاء بوجود هامش للمساومات فحسب، بل يبدو واضحاً أيضاً أنّ هناك تغييراً آخر في المزاج العربي، خصوصاً الخليجي، تجاه لبنان. قال بارّاك حديثاً إنّ “صدقيّة الحكومة اللبنانية تعتمد على قدرتها على التوفيق بين المبدأ والممارسة. وكما قال قادتها مراراً وتكراراً، من الأهميّة بمكان أن تحتكر الدولة السلاح. وما دام “الحزب” محتفظاً بالسلاح، فإنّ التصريحات لن تكون كافية”.

 

 

للكلام الجديد للمبعوث الأميركي معنى واحد، هو حصول تغيير في المزاجين الأميركي والعربي. إنّه رسالة فحواها أن لا جدوى من رهان المسؤولين اللبنانيين على الوقت. هناك مشكلة اسمها سلاح “الحزب” ولا مفرّ من التزام مواعيد واضحة من أجل التخلّص منها. الكلام لا ينفع. المطلوب أفعال، والابتعاد عن سياسة التذاكي كي لا يتبيّن أنّ لبنان 2025 ليس امتداداً للبنان 1969، سنة توقيع اتّفاق القاهرة المشؤوم الذي أدّى إلى التخلّي عن السيادة على جزء من الأرض اللبنانية لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة.

ما حدث في 1969 كان جريمة في حقّ لبنان واللبنانيين وأهل الجنوب تحديداً. ليس ما يدعو إلى تكرار هذه الجريمة في 2025
فراغ سياسيّ؟

ما حدث في 1969 كان جريمة في حقّ لبنان واللبنانيين وأهل الجنوب تحديداً. ليس ما يدعو إلى تكرار هذه الجريمة في 2025، خصوصاً في ضوء النتائج التي أدّت إليها “حرب إسناد غزّة” انطلاقاً من جنوب لبنان. مثل هذا التكرار سيؤدّي إلى عودة لبنان إلى مرحلة ما قبل انتخاب جوزف عون رئيساً للجمهورية، أي إلى حال من شبه الفراغ عرف الرئيس نجيب ميقاتي كيف يديرها بفضل خبرته في الشؤون الإقليمية وتعقيداتها.

يحتاج لبنان إلى أفعال وليس إلى كلام منمّق عن “الحوار” في مرحلة لا مكان فيها للرهان على الوقت ولا لأنصاف الحلول. المعادلة واضحة: إمّا لبنان وإمّا سلاح “الحزب” الذي هو سلاح إيراني ورث السلاح الفلسطيني من أجل المتاجرة بجنوب لبنان وأهله. لم يقتصر الأمر على المتاجرة الإيرانيّة بالجنوبيّين والجنوب. تعدّى ذلك إلى تغييرٍ في طبيعة المجتمع الشيعي، وهو تغيير إلى زوال مع تراجع الدور الإيراني في المنطقة وقدرة “الجمهوريّة الإسلاميّة” على استمرار التوظيف في إثارة الغرائز المذهبيّة.

ربّما أكثر ما يعرقل أيّ تقدّم على الصعيد اللبناني الخوف من شبح حرب أهليّة لا يتوقّف “الحزب” عن التلويح بها رافضاً أن يأخذ في الاعتبار وجود حقائق جديدة على الأرض. في مقدَّم الحقائق أنّ سوريا تغيّرت جذريّاً وأنّ إيران دخلت مرحلة جديدة، مرحلة الدفاع عن النظام القائم فيها بعدما خسرت كلّ الحروب التي خاضتها على هامش حرب غزّة.

لا يستحقّ لبنان البقاء رهينة قرار إيراني بالاحتفاظ بسلاح “الحزب” كي يبقى هذا السلاح موجّهاً إلى صدور اللبنانيّين، وهي الوظيفة التي وُجد السلاح من أجلها أصلا. وإلّا فليطلعنا “الحزب” على وظيفة سلاحه بعدما ثبت أنّه لم يعد قادراً على قتال إسرائيل ولا بقي له ما يدافع به عن إيران حين تعرّضت لأعنف هجوم إسرائيلي في تاريخها. لا فائدة من أيّ أعذار تبرّر بقاء السلاح ما دام هذا السلاح العقبة الأساسية في وجه إعادة الحياة إلى لبنان.

ربّما أكثر ما يعرقل أيّ تقدّم على الصعيد اللبناني الخوف من شبح حرب أهليّة لا يتوقّف “الحزب” عن التلويح بها رافضاً أن يأخذ في الاعتبار وجود حقائق جديدة على الأرض
مرحلة الإجابة على الأسئلة

من المفيد في المرحلة الدقيقة التي يمرّ فيها الإقليم كلّه تفادي أيّ حرب جديدة يمكن أن تشنّها إسرائيل التي تبدو متحمّسة للذهاب إلى النهاية في التخلّص من سلاح “الحزب”. ما يبدو مفيداً أكثر تخلّص الفريق الحاكم، وهو ليس فريقاً متجانساً للأسف الشديد، من عقدة التلويح بحرب أهليّة كي يبقى “الحزب” حاضراً ومسيطراً على شيعة لبنان. صار مثل هذا التفكير من الماضي في وقت تبدو الحاجة أكثر من أيّ وقت إلى تفادي تدمير ما بقي من الجنوب وضرب مواقع معيّنة في البقاع والسلسلة الشرقية.

إنّها مرحلة الإجابة عن الأسئلة الحقيقية من نوع مستقبل العلاقة بسوريا التي يوجد رهان عربي، خصوصاً سعوديّاً، على مستقبلها. ليس صدفة هذا الإصرار على دعم سوريا والاستثمار فيها على الرغم من كلّ الصعوبات التي تواجه النظام الجديد برئاسة أحمد الشرع. إن دلّ ذلك على شيء، فهو يدلّ على أهمّية البلد وأهمّية خروج إيران منه إلى غير رجعة في ضوء الحدث التاريخي المتمثّل في سقوط نظام آل الأسد.

إقرأ أيضاً: لبنان أمام آخر الفرص: بين الانتحار أو الإنقاذ؟

لا مفرّ أيضاً من التساؤل عمّن سيعيد إعمار لبنان والقرى المدمّرة فيه؟ من أين المال الذي سيعيد الإعمار؟ وما شروط ذلك؟ إلى ذلك، ما مستقبل القوّة الدوليّة في جنوب لبنان في ظلّ الإصرار الأميركي على تعديل مهمّتها؟ هل أخذ لبنان علماً بأنّ التمديد للقوّة الدوليّة لن يكون سهلاً من دون القبول بتعديلات قد تحتاج إلى تصعيد إسرائيلي؟

لا يحتاج لبنان إلى موجة من التصعيد الإسرائيلي بمقدار ما يحتاج إلى الدفاع عن مصلحته والاقتناع بأنّ سنة 2025 ليست امتداداً لسنة 1969، وأنّ العقليّة التي تحكّمت بالبلد وأجبرته على توقيع اتّفاق القاهرة لم تعد موجودة. الحاجة إلى أفعال وليست إلى كلام، كما يقول توم بارّاك الذي بدأ يدرك، في ما يبدو، أنّ البلد عند مفترق طرق… وأنّ الوقت لا يعمل لمصلحته، وكذلك سياسة التذاكي!

arabstoday

GMT 17:50 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

ما لا نعرفه عن «إخوان إسرائيل»

GMT 09:49 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

التعريق والتوريق والترويق

GMT 09:48 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

يمنحوننا البهجة ونحرمهم من الدعاء!

GMT 09:45 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

العقاد في فلسطين

GMT 09:43 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

نساء مصر ورجالها!

GMT 09:42 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

الحقيقة متعددة الروايات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ



إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

جدة ـ العرب اليوم

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ

GMT 07:25 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

الدولة الفلسطينية!

GMT 09:27 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

السعودية والنهوض بسوريا وفلسطين

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

عبدالناصر ومشروعه.. الصراع على المستقبل

GMT 10:40 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

جيرونا يضع شرطين لضم روميو مدافع برشلونة

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

أن تعمل مع بدر عبدالعاطي

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

منتخب النخبة التاريخي في كرة القدم

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

النفط وتسعير مشتقاته أحجية أردنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab