صحوة سنّيّة متجدّدة… في ظروف إقليميّة مختلفة

صحوة سنّيّة متجدّدة… في ظروف إقليميّة مختلفة!

صحوة سنّيّة متجدّدة… في ظروف إقليميّة مختلفة!

 العرب اليوم -

صحوة سنّيّة متجدّدة… في ظروف إقليميّة مختلفة

بقلم : خير الله خير الله

لم يعد التراجع أمام السلاح الميليشيويّ المذهبيّ الموجود في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة، خياراً لبنانيّاً. لا خيار آخر أمام رئيس الجمهورية ولا أمام رئيس مجلس الوزراء ولا أمام الحكومة… ولا أمام القوى السياسية اللبنانيّة المختلفة باستثناء “الثنائي الشيعي”، الذي ليس معروفاً مدى عمق التنسيق بين قطبَيه وحقيقة وجود هدف مشترك بينهما.

يعرف الطفل في لبنان أنّه لا يمكن أن يكون هناك هدف مشترك بين قطبَي “الثنائيّ”، خصوصاً أنّ من غير المنطقي ربط مستقبل الشيعة، الذين هم جزء لا يتجزّأ من النسيج اللبناني وتركيبة البلد، بالسلاح.

يعود ذلك بكلّ بساطة إلى أنّ بقاء السلاح يعني استمرار الاحتلال الإسرائيلي، الذي عاد بفضل “حرب إسناد غزّة”. يراهن السلاح على استمرار الاحتلال، ويراهن الاحتلال على رفض “الحزب” التخلّي عن سلاحه. لا يمكن لشخص مثل الرئيس نبيه برّي العمل على استمرار الاحتلال الذي يشمل حاليّاً خمسة مواقع في الجنوب. يعرف رئيس مجلس النوّاب، قبل غيره، أنّ السلاح لن يُخرج الاحتلال ولن يعيد إعمار القرى المدمّرة، وأنّ لبنان ليس في موقع قوّة يسمح له بفرض شروطه على إسرائيل، الدولة المتوحّشة التي يمكن أن تستخدم في لبنان الأسلوب نفسه الذي لجأت إليه في غزّة.

لا يبدو التراجع اللبناني أمام السلاح وارداً، خصوصاً مع تجمّع معطيات تؤكّد أنّ البلد الحالم باستعادة بعض من ماضيه الجميل سئم السلاح من جهة، وأنّ عنصراً جديداً طرأ على المعادلة الداخلية التي يحاول “الحزب” ومعه إيران تجاهلها، من جهة أخرى، واسم هذا العنصر هو الالتفاف السنّيّ حول رفض السلاح غير الشرعي وحول رغبة الحكومة التي يرأسها نوّاف سلام في حصره. بدعم واضح وصريح من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
لم يعد التراجع أمام السلاح الميليشيويّ المذهبيّ الموجود في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة، خياراً لبنانيّاً

وقفة تاريخيّة صلبة

لم يسبق لسُنّة لبنان الوقوف مثل هذه الوقفة الصلبة في وجه السلاح منذ مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وهي مرحلة أسّست لتظاهرة 14 آذار التي هي الكبرى منذ قيام لبنان. في نهاية المطاف، أخرجت هذه التظاهرة الجيش السوريّ من لبنان وأنهت عهد الوصاية على البلد من دون أن تنهيه.

انتهت الوصاية السوريّة لتحلّ مكانها الوصاية الإيرانيّة بعدما قفز “الحزب” إلى ملء الفراغ الأمنيّ الذي خلّفه الانسحاب السوريّ. لعبت الصحوة السنّيّة في 2005 دوراً محوريّاً في إنهاء الوصاية السوريّة. يبدو أنّ هذه الصحوة السنّيّة المتجدّدة، في ظروف إقليميّة مختلفة كلّيّاً عن ظروف 2005، تلعب في أيّامنا هذه دوراً في غاية الأهمّيّة على صعيد تمكين لبنان من الانتهاء من السلاح بصفته تعبيراً عن الوصاية الإيرانيّة بكلّ أشكالها. لم تكن الصحوة السنّيّة في لبنان في عام 2005 سوى خطوة أولى على طريق خروج النظام العلويّ من سوريا نفسها في أواخر 2024.

الأكيد أنّ “الحزب” لم يكن يتصوّر ذلك الالتفاف السنّيّ حول حصر السلاح. لا يقتصر الأمر على المجلس الشرعيّ الذي انعقد في دار الفتوى والكلام الصريح الذي صدر عن رئيس مجلس الوزراء في شأن السلاح فحسب، بل شمل أيضاً شخصيّات سنّيّة كان “الحزب” يعتقد أنّها حليفة له مثل النائب فيصل كرامي، الذي لم يتردّد في إبداء رأيه الصريح في السلاح في حضور المفتي دريان. لم يبقَ من يؤيّد “الحزب” بين السنّة غير مجموعات صغيرة من المرتزقة الحاقدين على البلد وعلى رفيق الحريري!

إيران لا تعرف لبنان… أو سوريا

تكمن مشكلة “الجمهوريّة الإسلاميّة” التي تراهن على بقاء سلاح “الحزب” في أنّها لا تعرف لبنان ولن تعرفه يوماً. فشل مشروعها اللبناني بعدما اعتقدت أنّ تغييرها لطبيعة المجتمع الشيعي ووصولها في مرحلة معيّنة إلى تقرير من هو رئيس الجمهورية اللبنانيّة يكفيان لاعتبار البلد في جيبها.
لم يعد موضوع السلاح مرتبطاً بتعابير لغويّة تتّسم باللطف تُستخدم لتمرير جلسة لمجلس الوزراء. الموضوع أبعد من ذلك بكثير. إنّه مرتبط  بقدرة لبنان على الصمود

تبيّن مع مرور الوقت أنّ إيران لا تعرف سوريا أيضاً ولن تعرفها يوماً. ذهبت هباءً مليارات الدولارات التي وظّفتها في خدمة النظام العلويّ، بما في ذلك توريط “الحزب” في الحرب على الشعب السوريّ. لم يبقَ من المشروع الإيراني في سوريا سوى سراب العودة إليها. لا يشبه هذا السراب غير سراب تغيير التركيبة الديمغرافيّة لهذا البلد العربيّ المحوريّ.

بقي لبنانُ لبنانَ وبقيت سوريا سوريا. بقيت “الجمهوريّة الإسلاميّة” التي حقّقت اختراقات في العراق بعيدةً عن لبنان وسوريا وفهم طبيعتهما. لم تعرف إيران من هم مسيحيّو لبنان، الذين اختزلتهم بميشال عون وجبران باسيل، ومن هم دروز لبنان ومن هم سُنّة لبنان.

لم تعرف، على وجه التحديد، التغيير العميق الذي طرأ على المجتمع السنّيّ في عام 2005 حين رفع السُّنّة شعار “لبنان أوّلاً”، وكانوا رأس الحربة في الدفاع عن الحرّيّة والسيادة في مواجهة حزب احتكر العنف والقمع والاغتيالات والتهريب والتدمير المنهجيّ لِما بقي من مؤسّسات الدولة اللبنانية ومن اقتصاد.

إقرأ أيضاً: هل تنجح تجربة ممر “ترامب” بين لبنان واسرائيل؟

لم يعد موضوع السلاح مرتبطاً بتعابير لغويّة تتّسم باللطف تُستخدم لتمرير جلسة لمجلس الوزراء. الموضوع أبعد من ذلك بكثير. إنّه مرتبط  بقدرة لبنان على الصمود وانعدام أيّ خيارات أخرى أمامه في ظلّ تغيير كبير في المنطقة يستحيل على إيران، صاحبة المشروع التوسّعيّ، الاعتراف بحصوله.

الموضوع مرتبط أيضاً بواقع أنّ السلاح والموقف الحازم والحاسم منه سيقرّران مصير عهد جوزف عون الذي وضع، من دون شكّ، نصب عينيه التخلّص من الاحتلال الإسرائيلي، المعروف جيّداً أنّ سلاح “الحزب” مبرّر لاستمراره!

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحوة سنّيّة متجدّدة… في ظروف إقليميّة مختلفة صحوة سنّيّة متجدّدة… في ظروف إقليميّة مختلفة



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
 العرب اليوم - جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
 العرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 22:12 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية
 العرب اليوم - مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab