الجزائر تشبه بوتفليقةوبوتفليقة يشبه الجزائر

الجزائر تشبه بوتفليقة...وبوتفليقة يشبه الجزائر

الجزائر تشبه بوتفليقة...وبوتفليقة يشبه الجزائر

 العرب اليوم -

الجزائر تشبه بوتفليقةوبوتفليقة يشبه الجزائر

خيرالله خير الله

سدل الستار على الإنتخابات الرئاسية الجزائرية، كان السؤال قبل الإنتخابات من يُشبه مَن؟ هل الجزائر تشبه عبدالعزيز بوتفليقة الذي أصرّـ أو هناك من أصرّ بالنيابة عنهـ على ولاية رئاسية رابعة على الرغم من أنّه على كرسي متحرّك... أم أنّ بوتفليقة يشبه الجزائر الجالسة بدورها على كرسي متحرّك في إنتظار يوم الخلاص؟

بعد الإنتخابات، لم تعد ضرورة لطرح مثل هذا النوع من الأسئلة. تبيّن أن الجزائر تشبه بوتفليقة، وبوتفليقة يشبه الجزائر. الرئيس مريض والبلد مريض.

لا تستأهل الجزائر ما حلّ بها، خصوصا أنّها تمتلك طاقات شابة من مواليد ما بعد الإستقلال الذي تحقّق قبل ما يزيد على نصف قرن. هذه الطاقات قادرة على أخذ البلد إلى آفاق جديدة بعيدة كلّ البعد عن عقد الذين يعتبرون أنفسهم الجيل الذي صنع الإستقلال. هذا الإستقلال الذي جعل من الجزائر دولة غير طبيعية في غياب من يستطيع إستيعاب أن الدور الإقليمي ليس سوى وهم. أكثر من ذلك، إنّه الطريق الأقصر إلى التعامي عن الأزمة العميقة لمجتمع تنتشر فيه البطالة والجهل، خصوصا في ضوء هبوط مستوى التعليم.

بعد الإنتخابات، لم يعد من مجال، من أيّ نوع كان، للحيرة. صار لا بدّ من التساؤل هل الجزائر ستعيش في هذا الوضع إلى ما لا نهاية، أم أنّ هناك مرحلة إنتقالية فرضت نفسها على البلد نظرا إلى وجود حاجة ماسة لدى القريبين من الرئيس الجزائري إلى حماية نفسهم من أي ملاحقة قضائية في ضوء ما ارتكبه عدد لا بأس به منهم من تجاوزات على كلّ صعيد.

استطاع، الذين يحتاجون إلى غطاء بوتفليقة، فرضه رئيسا لخمس سنوات أخرى، على الرغم من أنّه مقعد وعلى الرغم من تجاوزه السابعة والسبعين من العمر. هناك حاجة إلى الرجل لدى طرف ما بات معروفا.

ولكن ما لا بدّ من الإعتراف به أيضا أنّ هناك شعورا بالحاجة إلى نوع من الإستمرارية لدى مواطنين كثيرين يخشون من العودة إلى "سنوات الجمر" التي إمتدت بين ١٩٨٨ و١٩٩٩ تاريخ انتخاب بوتفليقة رئيسا للجمهورية. يأتي ذلك في ظلّ حاجة المؤسسة العسكرية والأمنية إلى شخصية سياسية من هذا النوع تفرض نفسها على الساحة السياسية في البلد، كي لا تكون هي في الواجهة.

في الواقع، كانت عودة العسكر إلى الإستعانة بعبد العزيز بوتفليقة، نابعة من أنه لم تعد لديهم خيارات أخرى. جرّبوا كثيرين غيره قبل أن يكتشفوا في نهاية العام ١٩٩٨ أن ليس أمامهم سوى العودة إلى الرجل الذي استبعدوه في أواخر العام ١٩٧٨ وبداية العام ١٩٧٩ عن الرئاسة لمصلحة واحد منهم هو الشاذلي بن جديد، الضابط الأقدم والأعلى رتبة بين نظرائه.

إنتظر بوتفليقة المولود في مدينة وجده المغربية، والذي كان يعتبر نفسه الخليفة الطبيعي لهواري بومدين، عشرين عاما من أجل الإنتقام من الذين أبعدوه عن الرئاسة عندما كان لا يزال شابا. لم يكتف هؤلاء بإبعاده عن الرئاسة، بل فتحوا له ملفّات كثيرة من بينها الأموال الضائعة في وزارة الخارجية التي كانت في عهد بومدين، بمثابة إمارة يحكمها عبد العزيز بوتفليقة.

لا شكّ أنّ الرجل حقق نوعا من الإستقرار للجزائرالتي باتت تمتلك في السنة ٢٠١٤ احتياطا نقديا تزيد قيمته على مئتي مليار دولار. هذا واقع لا يمكن تجاوزه، علما أن السؤال الذي لا يزال مطروحا بشكل يومي مرتبط بإرث بوتفليقة الذي خدمته الظروف في مرحلة معيّنة إرتفعت فيها أسعار النفط والغاز على نحو كبير.

هذه الظروف تظل معزولة عن مساهمة عبد العزيز بوتفليقة في البناء من أجل المستقبل في بلد يمكن أن ينفجر الوضع الداخلي فيه في أيّ لحظة. يعود ذلك أساسا إلى أن كل المشاكل الإجتماعية التي إنفجرت في العام ١٩٨٨ لا تزال قائمة، بل يمكن القول أنّها إزدادت حدّة.

يمكن للتقديمات الإجتماعية التي توفرّها عائدات النفط والغاز تخدير الجزائريين وتجميد الأوضاع لفترة معيّنة. لكنّ ذلك لا يمكن أن يستمرّ طويلا في غياب خطط للتنمية بعيدة المدى تأخذ في الإعتبار أن الجزائر ليست جزيرة كما أنّه لا يمكن أن تعيش إلى الأبد معتمدة فقط على النفط والغاز اللذين إرتفعت أسعارهما في الفترة الأخيرة.

الجزائر مريضة وبوتفليقة مريض. الرجل ليس مريضا فقط نتيجة إصابته بجلطة في الدماغ جعلت منه مقعدا غير قادر على الكلام إلّا بصعوبة. الرجل مريض ومرضه من مرض الجزائر التي لم تستطع قبل كلّ شيء بناء إقتصاد مستقل إلى حد ما عن النفط والغاز على الرغم من الثروات الكبيرة للبلد.

على رأس هذه الثروات الإنسان الجزائري القادر على تحويل بلده الجميل والغني إلى جنة متى توافرت له الظروف. وتوافر الظروف يعني أوّل ما يعني بناء مؤسسات حقيقية لدولة حديثة وسنّ قوانين عصرية والتوظيف في التعليم والخدمات والإسكان بدل البقاء في أسر الإقتصاد المافياوي الذي تحميه مراكز القوى التي إرتبطت في معظمها ببوتفليقة في السنوات العشر الأخيرة بعدما كانت مرتبطة أساسا بالمؤسسة العسكرية والأمنية.

الأهم من ذلك كلّه أن بوتفليقة لم يستطع منذ العام ١٩٩٩ تخليص الجزائر من عقدة الهروب إلى الخارج بدل الإهتمام بالداخل الجزائري. لا يزال الرئيس الجزائري يعتقد، مثله مثل هواري بومدين، أن لعب دور إقليمي، خصوصا في مجال إبتزاز المغرب عن طريق أداة إسمها "بوليساريو" أو الإستثمار في حركات إنفصالية في هذه الدولة الجارة أو تلك، يغني عن الإهتمام بالجزائر والجزائريين.

ما نفع إحتياطات مالية ضخمة مودعة في المصارف العالمية في حال لم يكن هناك من يستطيع توظيفها في خدمة رفاه الجزائريين وتحسين الوضع المعيشي لكلّ عائلة بغية قطع الطريق على التطرّف والمتطرفين والحركات الإرهابية؟

مثل هذه السياسة القصيرة النظر تفسّر إلى حد كبير الإصرار على بقاء عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجزائر. الرجل الجالس على كرسي متحرّك صار أفضل من يعكس حال الجزائر الجالسة على برميل بارود والتي تستحق عن حقّ أفضل من ذلك بكثير...بل بكثير جدّا!

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجزائر تشبه بوتفليقةوبوتفليقة يشبه الجزائر الجزائر تشبه بوتفليقةوبوتفليقة يشبه الجزائر



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab