صورة نصرالله

صورة نصرالله

صورة نصرالله

 العرب اليوم -

صورة نصرالله

حازم صاغية

لنا أن نسمّي واحداً من فصول الإعداد لتظاهرة بيروت الأخيرة فصلَ الصورة، صورة السيّد حسن نصرالله. ذاك أنّه حين وُضعت الأخيرة إلى جانب صور باقي القادة السياسيّين المتّهمين بالفساد، تدافعت التهديدات في وسائط التواصل الاجتماعيّ كما في العالم الفعليّ، واحمرّت الأعين، وربّما وُضعت أيدٍ على الزناد.

فالصورة، كما نعلم، ليست مجرّد «فوتوغراف»، بل هي «إيميج» يضاف فيه التصوّر المصنوع إلى الوجه الطبيعيّ. هكذا يخترق «العدوانُ» على الصورة عينَ الرائي إلى عقل صانع المعاني بحيث يغدو جبهُ هذا «العدوان» من قِبل «المعتدى عليهم» أمر اليوم المُلحّ. وتجنّباً لخطر كبير ومحدق، ومن أجل إنجاح تظاهرة سلميّة، عثر البعض على مخرج مؤدّاه استبعاد صور الزعماء جميعاً، وأخذ بعض آخر بفتوى تقول باسترجاع صورة قديمة للزعماء يتمثّل فيها «حزب الله» برئيس كتلته النيابيّة محمّد رعد.

غنيّ عن القول إنّ من يفرض استثناءه بالقوّة لا يكون استثنائيّاً إلاّ في القوّة. أمّا في السياسات المعتمدة فهناك الاحتقار أيضاً. ذاك أنّ تنزيه نصرالله عن حلفاء له، كنبيه برّي وميشال عون، والرفض الحاسم لوضع صورته جنباً إلى جنب صورهم يوحيان بإقرار ضمنيّ بأنّ المذكورين فاسدون. هكذا يغدو السؤال المنطقيّ: لماذا يتحالف نصرالله معهم إذاً؟

بيد أنّ الموضوع أبعد من المناكفة السياسيّة. فسيّد «حزب الله» يراد تقديمه ككائن متعالٍ عن السياسة، لا يندرج في خاناتها. فهو بالتالي أقرب إلى الأسطوريّ منه إلى الإنسانيّ، مع أنّه هو ذاته كان إنسانيّاً حين أقرّ بخطئه في خطابه الشهير «لو كنت أعلم»، وحين اعترف بأنّه في سرّه بكى نجله الشابّ. وحتّى لو كان السيّد ناصع النزاهة شخصيّاً، وهذا مرجّح، فذلك لا يلغي احتلال حزبه موقعاً راسخاً في نظام الحصص الطائفيّة الفاسد يمتدّ هبوطاً من المشاركة في الحكومة والبرلمان إلى ما تشهد عليها بوّابات المرفأ والمطار. وهذا ناهيك عن أنّ الحزب، الذي يُريحه الوضع القائم، لا يملك أيّ تصوّر اقتصاديّ أو اجتماعيّ يخالف فيه تصوّرات منافسيه السياسيّين. ويبقى، في آخر المطاف، أنّ قضم الدولة بأنياب دولة أقوى منها تمكينٌ للفساد لا يرقى إليه شكّ.

أهمّ من ذلك كلّه الحرص على التنزيه النابع من أنّ قضيّة نصرالله تعلو على السياسة ولا تستمدّ شرعيّتها منها. ونعلم أنّ الزعماء غير الديموقراطيّين كثيراً ما أغراهم وصفُهم بـ»الملهَمين»، أي أنّ مساءلتهم ترقى إلى تجاوزٍ على الله لأنّ ما فعلوه لم يكن غير إلهامه لهم. وهذا نمط من الزعماء يوفّر موقعه في الدين حصانة ضدّ نقده في السياسة. ومن دون أن يشكّك عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر بالقدرات الخارقة لهذا النمط من الزعماء، والتي تُمارَس عبر الخطابة خصوصاً، فقد ربطها بممارسة «السحر» على مسحورين. ومع السحر ينتفي النقد وتنعدم السياسة وتستحيل الديموقراطيّة. ذاك أنّ مصدر الشرعيّة، والحال هذه، لا يعود مرهوناً بأيّ من الإنجازات الملموسة للسياسة، اقتصاداً أم تعليماً أم صحّةً أم غير ذلك، ناهيك عن ارتهانه بالإرادة الشعبيّة. وحتّى لو وافقنا على التعامل مع «المقاومة» بوصفها موضوعاً سياسيّاً يدرّ الإنجازات الملموسة، فإنّ انتقالها إلى سوريّة يلغي قابليّتها للقياس، ومن ثمّ للمحاسبة، أي أنّه يُدرجها في السحريّ والمقدّس.

لكنْ إذا صحّ ما قاله التحليل النفسيّ من أنّ الزعيم الذي من الصنف هذا أبٌ مؤمثَل، وأنّ شعوراً بالذنب ناجماً عن قتل الأب الفعليّ هو ما أمثَلَه، جاز أن نتساءل عن حجم الشعور بالذنب الذي ينتاب بعضنا.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة نصرالله صورة نصرالله



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab