الثورة السوريّة سنة رابعة

الثورة السوريّة: سنة رابعة

الثورة السوريّة: سنة رابعة

 العرب اليوم -

الثورة السوريّة سنة رابعة

حازم صاغيّة

إذا حاولنا أن نتذكّر العناوين الأعرض للتاريخ السوريّ الحديث، أي التالي على استقلال 1946، فما الذي نتذكّره؟ تحضر في المقدّمة الانقلابات العسكريّة، من حسني الزعيم في 1949 إلى حافظ الأسد في 1970. نتذكّر الهزائم العسكريّة، ومن ثمّ السياسيّة، الكبرى كتلك التي حلّت في 1948 ثمّ تكرّرت موسّعة في 1967 قبل أن تتّخذ شكلاً مداوراً في 1982. نتذكّر «الصراع على سوريّة» وكون الأخيرة أوّل بلدان الشرق الأوسط في التوجّه شرقاً والتحالف مع السوفيات، وبالتالي اعتمادها العسكرة وتعزيز قبضة السلطة وأمنها. نتذكّر الوحدة مع مصر في 1958 ثمّ انفراطها في 1961. نتذكّر التوريث الأسديّ في 2000. نتذكّر التورّط في بلدان الجوار أو الوصاية عليها، من إنشاء التنظيمات الفلسطينيّة لتدجين حركة «فتح» ثمّ المواجهات الحربيّة المفتوحة معها، إلى حرب الأردن في 1970-1971، إلى الوصاية على لبنان التي بدأت في 1976، إلى تسهيل مرور الانتحاريّين والجهاديّين إلى العراق. نتذكّر، في الكثير من العناوين السالفة الذكر، ألاعيب حافظ الأسد «الاستراتيجيّة»، لكنْ الدمويّة، التي أكسبته صيت البراعة والمهارة الاستثنائيّتين. هذه كلّها نتذكّرها بالسلاسة التي يجري فيها الماء، خصوصاً أنّ نهشها لحم الملايين من البشر لا يزال بادي الأثر. لكنّنا سوف نبذل الكثير من الجهد كي نتذكّر شيئاً مفيداً عن الاقتصاد السوريّ، عن التعليم، عن الصحّة. وحين يحضر إلى الذاكرة ما هو داخليّ بحت، فهو لن يكون سوى تدمير حماة القديمة في 1982 والسجون والزنازين ونشاط أجهزة المخابرات والتفنّن في التعذيب حتّى الموت. هذا التباين بين سوريّة التي جُعلت عسكريّة و «استراتيجيّة» و «عملاقة»، والسوريّين الذين جُعلوا عبيداً وقُزّموا، هو المفتاح الأهمّ لفهم الثورة السوريّة. من هنا يُبدأ، لا من «داعش» و «النصرة». إلاّ أنّه أيضاً المفتاح الأهمّ لفهم استطالتها ومرور ثلاث سنوات عليها، مع ما صاحب ذلك من آلام وتضحيات وشجاعة استثنائيّة، وما لم يمكن تجنّبه من اصطباغ بالحرب الأهليّة والأزمة الإقليميّة. ذاك أنّ السوريّين لم يثوروا ضدّ نظام، بل ثاروا ضدّ تلك السوريّة التي ولدت مع حسني الزعيم لتندفع اندفاعها النوعيّ الموسّع مع حافظ الأسد. وحين يكون ما يثار عليه مديداً إلى هذا الحدّ، عميقاً إلى هذا الحدّ، واسعاً إلى هذا الحدّ، تغدو الثورة نفسها مديدة بحيث تدخل عامها الرابع من دون أن تحرز انتصاراً واضحاً يتعدّى خلخلة النظام، وتغدو عميقة، مرشّحة لأن تزلزل كلّ ما هو مألوف في السلوك والأفكار التي ظُنّت بديهيّة، كما تغدو واسعة، تتّسع حتّى لخصومها الذين من طينة «داعش» و «النصرة» وأضرابهما. لقد نجحت تلك السوريّة، لا سيّما على يد تتويجها الأسديّ، في أن تجعل النظام مستحيلاً والثورة، بوصفها البديل الوطنيّ الجامع للنظام، مستحيلة أيضاً. وبعنف وحشيّ يمارسه الذين يحكمون البلد كأنّهم يملكونه، ينتقل السوريّون من الحرب التي يحرّكها الاستحواذ على السلطة والإمساك بمسار البلد إلى حرب تستأنف ذاتها من دون أن يكون موضوع الاستحواذ قائماً. ذاك أنّ البلد لم يعد بلداً والسلطة لم تعد سلطة. بيد أنّ العبيد، كائناً ما كان الشكل الذي سترسو عليه السياسة، بل الخريطة، وحتّى لو استمرّ النزاع أربعين عاماً، قرّروا أن يكونوا أسياداً. أمّا العبد وحده فهو الذي يشكّك في صواب قرارهم أو يخالفهم في حقّهم هذا.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة السوريّة سنة رابعة الثورة السوريّة سنة رابعة



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab