في القعر ويحفرون

في القعر ويحفرون

في القعر ويحفرون

 العرب اليوم -

في القعر ويحفرون

جهاد الخازن

النسخة: الورقية - دولي الأحد، ٢٤ أغسطس/ آب ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)

سألت قادة عرباً في قمة مجلس التعاون ثم القمة العربية في الكويت، وسألت أمراء وشيوخاً ووزراء وأصدقاء وغيرهم: منذ كنت في المدرسة الثانوية هل مرّ عليك وضع عربي أسوأ من الوضع الحالي؟

كلهم قال إن هذا أسوأ وضع عربي على امتداد العمر، وبعضهم زاد أنه لم يتصور يوماً أن يهبط العرب إلى هذا الدرك من الانحطاط، وأن يصلوا إلى القعر، ثم أن يبدأوا الحفر بدل أن يحاولوا الصعود من الحفرة.

كنت صغيراً وحدوياً عربياً من «منازلهم». لم أنتمِ إلى حزب سياسي أو جمعية في حياتي، وكان أكثر زملاء الدراسة والأصدقاء مثلي. كنت وحدوياً بدافع الأمل ولا أزال وحدوياً بدافع العناد، أو رفض أن تتحول أحلامي إلى كوابيس.

كان أصدقائي في المدرسة لبنانيين، وكبرت وعملت وسافرت وأصبح لي أصدقاء عرب آخرون، من مصر وسورية والعراق ودول الخليج وغيرها.

هل يذكر القارئ الذي بلغ وعيه السياسي في النصف الثاني من القرن الماضي أيام كنا نحلم بأن تقود مصر مسيرة الوحدة؟ هل يذكر القارئ الوحدة المصرية - السورية، واتحاد العراق والأردن؟ ما اعتقدنا أنه بداية أصبح نهاية بين أخطاء الحكم وتفرق الناس شيعاً وأحزاباً وعشائر وطوائف.

أصدقائي المصريون لا أستبدل بهم أحداً، وأنتظر أن يقود الحكم الجديد أهل مصر إلى بر السلامة. وكبرت وأصبح عندي أصدقاء سوريون وعراقيون من الذين تركوا بلادهم بعد موجات الانقلابات العسكرية والإرهاب والدكتاتورية.

اسم أصدقائي الشوام عندي هو «السوريون البيض»، مثل الروس البيض، وهم نجحوا في كل بلد هاجروا اليه، وحققوا ثروات ما كانت ستتوافر لهم لو بقوا في بلادهم. أصدقائي العراقيون من نوعهم، فالكل ناجح في بلد الهجرة أو الإقامة، والجامع بين هؤلاء الأصدقاء التعليم العالي والثقافة.

شهرة اللبناني أنه تاجر ماهر والمغتربون اللبنانيون حققوا نجاحات تاريخية في الأميركتين وإفريقيا وكل قارة وبلد. مع ذلك تجربتي تقول إن الدمشقي أمهر تاجراً من البيروتي، وإن الحلبي أمهر من الاثنين. عاصمة سورية اليوم ممزقة الأوصال، وحلب يتناهشها إرهابيون من كل نوع، وكلهم سيّء وبعضهم أسوأ من بعض.

الإرهاب يهدّد عاصمة الرشيد ويحتل ثانية مدن العراق، الموصل، ويقتل الأبرياء كل يوم. لا أحد يستحق هذا المصير. قتلوا السنّي مع الشيعي والمسيحي والإيزيدي، وكل مَنْ وصلت يد الإرهاب إليه. أتابع مجازر شبه يومية في العراق ثم أنظر الى أصدقائي العراقيين، وفيهم سنّة وشيعة ومسيحيون، وأستغرب أن قوماً على هذه الدرجة من التعليم والنجاح هم من بلد يكاد الإرهاب يجرّه إلى عصور الظلام.

حتى دول الخليج، وعندها القدرة الاقتصادية لتوفر أسباب السعادة لشعوبها، نراها مهددة من الداخل، ومن الجوار، ومن دول بعيدة، ما ينغص عيش أهلها.

بلدة عرسال في لبنان لم تنجُ من الإرهاب. عرفت عرسال وأنا أصطاد في جوارها، والفلاحة الفقيرة التي لم تكن تملك ما تقدّم لنا نحن أولاد المدينة قالت «شلّطوا لِفت وكلوا». كانت تقترح أن نقتلع اللفت من حقلها ونأكله، ولم أنسَ كرم ضيافتها رغم مرور عقود.

كنا نقول كلاماً من نوع أن الوضع سيسوء أكثر قبل أن يتحسن. أعرف أن الوضع سيسوء أكثر إلا أنني لا أرى سبباً يجعلني أتوقع أن يتحسن. ضاع الأمل بالوحدة، وضاع الأمل بيومنا وغدنا، وبدل مستقبل واعد، اخترنا دكتاتورية الحكم وغياب حقوق الإنسان والإرهاب.

نحن المسؤولون وليس الصهيونية أو الاستعمار. اللي من إيدو الله يزيدو. كم مرة سألت: أما لهذا الليل من آخر؟ لا أعرف الجواب.

arabstoday

GMT 15:43 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

ثانكيو

GMT 15:42 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

هل الطاقة الخضراء خدعة؟ ترمب يجيب

GMT 15:41 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

لماذا يحتاج السودان إلى نظام رئاسي؟

GMT 15:41 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

«المنطقة الاقتصادية» لتثبيت المنطقة العازلة!

GMT 15:40 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

كنوز الفراعنة أسفل عين شمس

GMT 15:39 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

المسؤولية الأخلاقية تطارد أوروبا

GMT 15:38 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

الدبلوماسية الأفريقية وفرصة الحل في ليبيا

GMT 15:38 2025 الخميس ,25 أيلول / سبتمبر

الحلُّ في غزة لا يسلُك سبيل «جُحا» ولا يعرفه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في القعر ويحفرون في القعر ويحفرون



الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - العرب اليوم

GMT 06:33 2025 الأحد ,28 أيلول / سبتمبر

أحمد السقا ينجو بحياته بعد تعرضه لحادث مروع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab