إرهاب باريس يطيح استراتيجية إيران في المنطقة

إرهاب باريس يطيح استراتيجية إيران في المنطقة

إرهاب باريس يطيح استراتيجية إيران في المنطقة

 العرب اليوم -

إرهاب باريس يطيح استراتيجية إيران في المنطقة

هدى الحسيني

 بدأت تنقص، لذا قال مراقبون متابعون تعليقًا إن «داعش» قام بعمليات باريس للتغطية على خسائره للأراضي في العراق والحسكة.

مع اهتزاز استراتيجيته التي تعتمد على توسيع أراضي «خلافته» تحول «داعش» بعملياته نحو أوروبا وروسيا، فهذه ولو أنها حتى الآن لا تقصف مقرات «داعش» مباشرة، إلا أنها تضغط على تحركاته. وبإسقاطه طائرة شرم الشيخ لم يكن فقط يستهدف السياحة في مصر بل العدو البعيد روسيا.

كشفت عمليات باريس أن آيديولوجية «داعش» صارت تشبه آيديولوجية أسامة بن لادن، مؤسس «القاعدة». كان هدفه دائمًا العدو البعيد، وكانت الولايات المتحدة ومصالحها الأولوية عنده، في حين أن آيديولوجية «داعش» كانت تركز على إقامة «دولة الخلافة»، وأنه ضمن حدود هذه الخلافة فإن الحرب الأخيرة ضد «الكفار» ستحسم. تمدد «داعش» نحو ليبيا، لأنها حسب نظريته المزعومة تجعل «الخلافة» تصل إلى روما، لكن خسارته أراضي شاسعة انعكست سلبًا على تأسيس هذه الخلافة في العراق وسوريا، فالتفت إلى فرنسا المشاركة في التحالف الدولي ضده، التي تتحمل وحدها، وبكل شجاعة، عبء محاربة التطرف الإسلامي في مالي. ثم إن العمليات وقعت مع انعقاد مؤتمر فيينا، وتوافق الأميركيين والروس والأوروبيين والعرب المعنيين وإيران على خريطة طريق لانتقال سياسي وانتخابات بعد 18 شهرًا في سوريا. وهذا يعني تحويل التركيز عسكريًا على «داعش».

لكن، وللأسف العميق، كشفت عمليات «داعش» الإرهابية عن صراع ثقافي وليس صراع حضارات. في الغرب يحترمون الديمقراطية، إنها نتاج حروب خاضها الآباء والأجداد كي يتنعم بها الأبناء إضافة إلى قيم احترام القوانين والأنظمة. حدود مفتوحة لتسهيل التحرك، وليس لتهريب السلاح والإرهابيين. الشرطة البريطانية تسير في الشوارع لحفظ الأمن من دون سلاح، إذ هناك القوانين التي تحمي وتردع. لكن، رغم أن الديمقراطية أثبتت أنها النظام السياسي الأكثر فعالية في التاريخ الحديث، فإنها أمام الإرهاب تصبح ضعيفة. هي كانت السبب الأساسي وراء ضعف مكافحة فرنسا وبلجيكا الراديكالية المتطرفة في الشوارع والأحياء. لذلك بعد وقوع عمليات «داعش» الإجرامية، تراجعت الديمقراطية لتفسح المجال أمام إجراءات قد يصفها البعض بالتعسفية: إغلاق الحدود، وقف القطارات، نشر قوات مسلحة في باريس، الطلب من المواطنين التزام منازلهم. على المدى القصير ستغير «انتصارات» هذا التنظيم على «الكفار» طبيعة المجتمع الفرنسي ونسيجه بشكل خاص، والمجتمع الأوروبي عمومًا. وقد تؤدي إلى تعزيز اليمين المتطرف، والعودة إلى الصراعات على أساس الهوية والعرق والدين في أوروبا. ستؤدي إلى إغلاق الحدود الأوروبية أمام الهجرة إلى أوروبا، وستضعف نقاط التقارب في الاتحاد الأوروبي. وإذا ما تعززت أفكار مارين لوبن وتوجهاتها في الانتخابات المحلية الشهر المقبل في فرنسا، فإن لعبة «الدومينو» ستتهاوى في جميع البلدان الأوروبية.

من جهة أخرى، فإن فرنسا من أهم أعضاء الحلف الأطلسي، ولاحظنا كيف أعلن كل قادة ذلك الحلف وقوفهم إلى جانب فرنسا. المملكة المتحدة أنشدت «المارسلياز» النشيد الوطني الفرنسي، جون كيري وزير الخارجية الأميركي ألقى جزءًا من خطابه مساء الاثنين في باريس باللغة الفرنسية. انتصارات «داعش» الدموية على الأبرياء وتهديداته بـ«الأعظم» ستزيد من الوجود العسكري للحلف الأطلسي في الشرق الأوسط، وقد تضع حدًا لتفكير الإدارة الأميركية في إدارة ظهرها وتخفيف وجودها العسكري في المنطقة، وهذا ما سينعكس سلبًا على سياسة الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف وقد يطيح بإدارته. لأن الوجود العسكري للحلف الأطلسي في الشرق الأوسط من ناحية، وتصعيد الصراعات فيه من ناحية أخرى، سيصيبان في الصميم «سياسة الاستقرار» التي سوّق لها روحاني وفريقه على أمل أن تصبح إيران القوة المسيطرة والمعتمد عليها في المنطقة. لقد أثبتت هذه العمليات أن استراتيجية تشجيع الصراعات خارج الحدود كي تبقى الدول المشجعة مستقرة، لها انعكاسات سلبية، ومحاولة إيران المناورة وإظهار أن كل شيء هادئ داخل حدودها، فيما الدول الأخرى في المنطقة تعاني من تدخلاتها، سيكون لها ثمن، وكان أول ثمن اضطرار روحاني إلى إلغاء زيارته الرسمية إلى باريس. إن نقل أوروبا وأميركا وإيران وتركيا مشاكلهم إلى أراضي الدول العربية انتهت فعاليته في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.

المهم بعد أن تمر موجة الظلام الكالح هذه، أن تستمر فرنسا في الدفاع عن تميزها وتنوعها وطريقتها الفريدة في الحياة. إنها أرض الكلمة والريشة والضوء والحب.

arabstoday

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يطغَى الفُجور في الخصومة

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 07:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب باريس يطيح استراتيجية إيران في المنطقة إرهاب باريس يطيح استراتيجية إيران في المنطقة



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 العرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب
 العرب اليوم - بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
 العرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
 العرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 06:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إنقاذ السودان تأخر كثيرا

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:03 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 30 امرأة بمسيرة استهدفت "تجمع عزاء" شرق الأبيض بالسودان

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 06:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ظاهرة فاروق حسنى!

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء ديكور يكشفون عن 5 ألوان يجب تجنّبها في خزائن المطبخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab