السؤال الصيني في عالم مضطرب

السؤال الصيني في عالم مضطرب!

السؤال الصيني في عالم مضطرب!

 العرب اليوم -

السؤال الصيني في عالم مضطرب

بقلم - عبد الله السناوي

لم يكن سؤال الدور الصينى ومستقبله فى بنية النظام الدولى جديدا، أو مستجدا.

 


إنه سؤال ضاغط بقدر وطأة افتقاد التوازن فى العلاقات الدولية.
يطرح نفسه من وقت لآخر كلما طرأ تطور جوهرى، أو رمزى، يومئ إلى تحول ما محتمل فى العلاقات الدولية.
السؤال طرح نفسه مجددًا بإلحاح ظاهر إثر استعراض القوة العسكرية الصينية فى قلب أشهر ميادين العاصمة بكين «تيان آن مين».
الرسائل السياسية تصدرت المشهد العسكرى.
لم تكن خافية على أحد فى طلب التوازن بالعلاقات الدولية.
بصياغة الرئيس الصينى «شى جين بينج»: «تواجه الإنسانية مرة أخرى خيار السلام أو الحرب.. الحوار أو المواجهة» داعيا إلى «ضرورة بناء نظام دولى جديد متعدد الأقطاب.. يوازن بين النفوذ السياسى والاقتصادى ويمنح الدول النامية فرصا أكبر للتأثير».
أراد أن يقول إن بلاده جاهزة ومتأهبة للخيارات جميعها.
التاريخ حاضر فى خلفية الاستعراض العسكرى، لكنه ليس موضوعه.
بإيقاع السنين فإن مرور ثمانين سنة على انتصار المقاومة الشعبية الصينية على الاحتلال اليابانى بالحرب العالمية الثانية يستدعى مراجعة التاريخ دون استغراق فيه.
الحاضر ماثل بكل تحدياته وسؤال المستقبل يطغى على ما سواه.
الاستعراض العسكرى صمم بصورة مقصودة حتى يكون واضحًا أمام اللاعبين الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، أنه لا يمكن تجاهل الدور الصينى ومصالحه وتطلعاته لتوحيد كامل أراضيه.
استعادة تايوان إلى الوطن الأم هدف استراتيجى ووجودى كامن فى الاستعراض العسكرى الضخم.
هذه المسألة بالذات تدخل فى صلب صراعات المستقبل على القوة والنفوذ بشرق آسيا، وتمثل تهديدا مباشرا للاستراتيجيات والمصالح الأمريكية والغربية.
تبدت فى الاستعراض العسكرى مستويات القوة، التى وصلت إليها بكين فى إنتاج الأسلحة المتقدمة من طائرات ودبابات وصواريخ باليستية عابرة للقارات.
كان ذلك تحديا معلنا للتحالف الغربى كله، الذى ينتابه ضعفا وتفككا غير مسبوق ومستقبل حلف «الناتو» نفسه معلق على مجهول.
لم يتردد الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» فى الإعراب عن ضيقه البالغ من التحدى الصينى المستجد، كأنه استهدفه هو بالذات، كما قال حرفيا!
بشىء من السخرية المريرة قال مخاطبا الرئيس الصينى «شى»: «أبلغ تحياتى للرئيس الروسى بوتين والرئيس الكورى الشمالى كيم لمشاركتهما فى المؤامرة على الولايات المتحدة»!
استبعد «بوتين» حديث المؤامرة بداعى حاجته الاستراتيجية إلى تعاون ما مع «ترامب» لإنهاء الحرب الأوكرانية بما يوافق المصالح الروسية.
الأمريكيون والأوروبيون فى حاجة إلى بعضهما الآخر لمواجهة التحدى الصينى، غير أن شخصية «ترامب» وخياراته السياسية والاستراتيجية تجعل من الصعب التوصل إلى تفاهمات مشتركة.
بالنظر الأوروبى فإن الاستعراض العسكرى يؤسس لمرحلة جديدة فى آسيا، ويمثل بالوقت نفسه أخطر تحد للنفوذ الأمريكى والغربى.
كان لافتا مشاركة رئيس الوزراء الهندى «ناريندرا مودى» فى اجتماعات منظمة «شنغهاى» للتعاون، وحضوره الاستعراض العسكرى مع زعماء وممثلى نحو (25) دولة.
الاقتراب الصينى الهندى بذاته تطور بالغ الأهمية بوزنيهما السكانى والاقتصادى والاستراتيجى.
إنه مشروع انقلاب إقليمى، له ما بعده فى الشرق الآسيوى.
كان إفراط «ترامب» فى حروبه التجارية مع خصومه وأصدقائه على قدم المساواة داعيا إلى شرخ لا يستهان بخطورته فى علاقاته مع الهند.
كانت عودة نيودلهى بقوة رد الفعل إلى شراء النفط والغاز الروسيين بأسعار تفضيلية شرخا آخر.
ثمة شىء جوهرى يتغير فى بنية النظام الدولى المتهالك، أكبر من تجاهله وأقل من إصدار أحكام أخيرة.
رغم تراكم المال والسلاح إلى مستويات قياسية فإن الصين ليست فى عجلة من أمرها للعب أى أدوار عظمى، كأنها تجلس بصبر على حافة النهر فى انتظار جثة عدوها طافية.
سياسة النفس الطويل من مقومات الحكمة الصينية، كما صاغها فيلسوفها الأكبر «كونفوشيوس» فى العهود الغابرة.
فى أقل من (50) سنة بنيت الصين من جديد على أسس حديثة، حركة الاستثمار تمضى بكامل قواعد الإدارة الرأسمالية فى إطار مخطط الدولة، التى أتاحت للمنتجات العالمية الشهيرة من وجبات الطعام السريعة إلى السيارات والملابس والأجهزة الإلكترونية أن توجد فى سياق صينى محكم، يراكم الخبرة بالحداثة ويتيح لمواطنيه من أبناء الطبقة الوسطى ذات مستوى ما يتمتع به نظراؤهم فى العواصم الغربية.
هدمت أغلب أحياء العاصمة وبنيت من جديد، ناطحات سحاب تستولى على مشاهدها كأنها تنافس نيويورك، ومترو أنفاق يفوق نظيره الباريسى، وشوارع فسيحة تنتظم فيها حركة المرور بسلاسة، رغم الكثافة السكانية باستثناء فترات الذروة.
يمكن وصف التجربة الصينية بـ«رأسمالية الدولة».
يصعب نسبتها إلى أفكار «ماو تسى تونج» إلا بقدر تراكم التجربة، فقد فتح الباب واسعا للتغيير ونقل البلد كله من حال إلى آخر، من التخلف المفرط وحروب الأفيون ومستوطنات الذباب إلى القرن العشرين وحقوق مئات الملايين فى العدالة والتنمية والحياة بكرامة.
الانتساب إلى «ماو» مسألة شرعية، غير أن الماوية، من حيث هى أفكار وتصورات وسياسات تكاد أن تكون قد طويت.
دأب الصينيون على مدى سنوات طويلة أن يقولوا: «لسنا دولة عظمى»، لا يتداخلون فى الأزمات الدولية الكبرى إلى بحساب مشروع طويل الأمد، لكنه لا يتوقفون عن بناء القوة إلى حدودها القصوى الممكنة.
هذا خيار استراتيجى يحكم الصين، ويحكم أية إجابة على سؤال المستقبل.

arabstoday

GMT 09:46 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

«حماس» تفاوض على استبعادها

GMT 09:38 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

من هم الملونون بحق؟

GMT 09:36 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

سؤال القمامة

GMT 09:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

قد يكون الحل الذكي

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإفراج عن البرغوثي

GMT 09:30 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أزعج طه حسين حراس المعبد وسماسرة السماء؟

GMT 09:28 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الباشا والرئيس

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ما يعنيه المتحف الكبير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السؤال الصيني في عالم مضطرب السؤال الصيني في عالم مضطرب



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 11:25 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الطاولات في حفلات الزفاف لمسات بسيطة تصنع فخامة المشهد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab