الضرائب الحل السهل

الضرائب الحل السهل

الضرائب الحل السهل

 العرب اليوم -

الضرائب الحل السهل

بقلم : عبد اللطيف المناوي

كلما واجهت الحكومات أزمة اقتصادية يظهر الميل الفورى إلى اللجوء لأسهل حل يمكن الوصول إليه سريعًا: الضرائب. هذا النمط يتكرر فى دول كثيرة، بغض النظر عن اختلاف الأنظمة أو الأيديولوجيات، وكأنه القاعدة السهلة لإدارة الأزمات. الاعتماد على الضرائب عند كل أزمة لا يعكس حلاً اقتصاديًا بقدر ما يكشف عن قلة حيلة وضعف قدرة الحكومات على إنتاج حلول حقيقية، وعن عجزها عن التعامل مع جذور الأزمة بدلًا من محاولة ترقيعها مؤقتًا عبر تحميل المواطن كلفة إضافية.

تبدو الحالة البريطانية مثالًا واضحًا لهذا. فقد وقفت وزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز أمام مجلس النواب لتعلن ميزانية جديدة تعتمد فى جوهرها على زيادة الإيرادات عبر إجراءات ضريبية مباشرة وغير مباشرة. رغم أن الحكومة لم ترفع معدلات ضريبة الدخل نفسها، بل لجأت إلى ما أصبح يُعرف هناك بـ«الضريبة الخفية»، أى تجميد حدود الشرائح الضريبية حتى عام ٢٠٣١. هذا يعنى ببساطة أن ارتفاع الأجور سيدفع ملايين البريطانيين تلقائيًا إلى شرائح أعلى، فيدفعون ضرائب أكبر دون إعلان رسمى عن رفعها.

وجاءت إجراءات أخرى مثل تقليص الإعفاءات الضريبية للمعاشات، ما سيؤدى إلى انخفاض قيمة معاشات الأجيال الشابة. كما رُفعت ضرائب الأرباح الموزعة وبدا كأنه «هجوم ضريبى» على سوق يفترض أن الدولة تسعى لتنشيطها.

ورغم كل هذه التدابير فإن متوسط النمو المتوقع لا يتجاوز ١.٥٪ خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وهو معدل ضعيف لدولة بحجم بريطانيا. كما ستظل مستويات الدين أعلى من المتوقع، ما يعنى أن الحكومة تجمع ضرائب أكثر لكنها لا تولّد نموًا أكبر. هنا تحديدًا يظهر جوهر المشكلة. الضرائب تسد فجوة مالية عاجلة، لكنها لا تعالج أسباب الأزمة التى أدت لتلك الفجوة، مثل ضعف الإنتاجية، وتباطؤ الاستثمار، وتراجع القدرة التنافسية، وضغط الإنفاق العام. وبذلك تتحول الضرائب إلى حل سريع يشترى للحكومة الوقت لكنه لا يقدّم علاجًا للألم.

هذا السلوك المالى يعكس أزمة فهم اقتصادى. حين تلجأ الحكومات إلى الضرائب عند كل أزمة، فهى تعترف ضمنًا بأنها عاجزة عن تحفيز النمو الحقيقى، أو إصلاح القطاع العام، أو تطوير قطاعات الإنتاج، أو دعم الشركات لخلق فرص عمل جديدة. وهى تفترض أن المواطن هو الطرف الأضعف الذى يمكن زيادة العبء عليه دون مقاومة، وأن الاستثمار سيواصل العمل رغم تزايد الأعباء، وأن الاقتصاد يستطيع تحمل الضغط الضريبى حتى لو كان على حساب النشاط والاستثمار والاستهلاك. لكن الواقع أن الاعتماد على الضرائب كأداة رئيسية لحل الأزمات يؤدى إلى آثار عكسية خطيرة: تباطؤ اقتصادى أطول، هروب للاستثمارات، إرهاق للطبقة الوسطى التى تُعتبر العمود الفقرى لأى استقرار، وتآكل ثقة السوق فى قدرة الحكومة.

تُظهر التجربة البريطانية الأخيرة أنه عندما تصبح جيوب المواطنين هى الحل الدائم، فهذا لا يكشف عن قوة دولة، بل عن غياب البدائل الحقيقية فى عقل صانع القرار. وستدفع الحكومة الثمن فى أول انتخابات عامة

arabstoday

GMT 14:00 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإخوان بين البراجماتية الأمريكية والميوعة الأوروبية

GMT 13:57 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتخب مصر بطل دورة سوريا

GMT 13:56 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا لا ترد حماس وحزب الله على العدوان؟!

GMT 13:54 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أصل القصة في لبنان

GMT 13:33 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 12».. عندما قال القاضي المتهم اسمه بليغ حمدي!

GMT 13:32 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ضاحية لاس فيجاس!

GMT 13:30 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

بليغ حمدى .. حين يسبق الإبداع الزمن

GMT 10:40 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أندهشُ... حين لا أندهشُ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضرائب الحل السهل الضرائب الحل السهل



الثقة والقوة شعار نساء العائلة الملكية الأردنية في إطلالاتهن بدرجات الأزرق

عمّان - العرب اليوم

GMT 05:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر
 العرب اليوم - وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 08:59 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تفرج عن مراهق فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية
 العرب اليوم - إسرائيل تفرج عن مراهق فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية

GMT 12:38 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سقف النجاح منخفض.. جدًا

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة قصيرة في عقل «حزب الله»

GMT 16:46 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"10 أطعمة يفضل تناولها يومياً إذا كنت تريد العيش حتى المائة"

GMT 05:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 05:53 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 18:44 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

منصة ماسك تعيد صياغة الوقائع وتتهم ويكيبيديا بالانحياز

GMT 09:50 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

شهيد في الضفة والاحتلال يواصل عمليته العسكرية في طوباس

GMT 07:55 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الأوقات لتناول الزبادي لدعم صحة الأمعاء بشكل طبيعي

GMT 12:27 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي سيستبدل أكثر من عُشر العاملين الأميركيين

GMT 14:09 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

شهادة «الموساد» النادرة لمصر

GMT 06:07 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab