بقلم : عبد اللطيف المناوي
لا يختلف اثنان على أن محمود الخطيب هو أحد أعظم من لمس الكرة فى تاريخ مصر، وأنه منح جماهير الأهلى بل مصر بأسرها لحظات من السعادة الخالصة، لم تكن وليدة الأرقام والبطولات فحسب، بل كانت ثمرة موهبة فطرية ساحرة وأداء فنى استثنائى جعل من مشاهدته متعة خالصة لا تُنسى. إلا أن ما سنتطرق إليه الآن لا يتعلق بالخطيب اللاعب الأسطورة، بل بنموذج إدارة يمارسه، والذى يطرح تساؤلات مشروعة حول صلاحية هذا النموذج فى إدارة إحدى أهم المؤسسات فى مصر وربما الوطن العربى. ويطرح تساؤلًا مهمًا: هل يمكن للكيانات الكبيرة أن تنهار إداريا، أم أن تاريخها وحجمها عاصم لها؟
تولى الكابتن محمود الخطيب رئاسة النادى الأهلى المصرى منذ عام ٢٠١٧، وسط آمال عريضة بأن يواصل مسيرة النجاح الإدارى للنادى العريق، إلا أن أسلوب إدارة النادى خلال الأعوام الثمانية الماضية أثار تساؤلات وانتقادات متزايدة، حيث تعالت أصوات جماهيرية وإعلامية تشير إلى وجود خلل مؤسسى فى هذا الأسلوب، ما جعل التجربة نموذجًا لدراسة الإدارة المؤسسية المتخبطة.
خلال السنوات الماضية لم تظهر لإدارة النادى رؤية استراتيجية واضحة تقود نحو المستقبل. فقد شهد فريق كرة القدم بالنادى حالة من حالات عدم الاستقرار الفنى، تمثّل فى تغييرات متكررة للمدربين واللاعبين، وعدم ثبات السياسة الفنية له.
ومؤخرًا بلغت هذه الإشكاليات ذروتها فى حقبة المدرب السويسرى مارسيل كولر، فعلى الرغم من تحقيق كولر ١١ بطولة محلية وقارية، لكن ظهرت سلسلة من الأزمات فى ظل وجوده. لقد واجه النادى أزمات رئيسية عصفت بالفريق تحت قيادة كولر، منها تراجع المستوى الفنى بشكل حاد وعدم قدرة الجهاز الفنى على إيجاد حلول تكتيكية، إلى جانب منح المدرب إجازات طويلة ومتكررة للاعبين بصورة أثارت استياء رئيس النادى نفسه، وهنا بدا أن هناك خللًا فى التنسيق بين الإدارة والمدرب، حيث غابت رؤية موحدة حول الانضباط البدنى والفنى للفريق. إضافة إلى ذلك، برزت خلافات داخل الجهاز الفنى نفسه. فقد توترت علاقة كولر ببعض مساعديه المحليين، وتصاعد التوتر بعد رحيل مدراء الكرة السابقين، سيد عبدالحفيظ وخالد بيبو ثم محمد رمضان، ناهيك عن الخلافات العديدة فى الرأى بين لجنة الكرة بالنادى التى عينتها الإدارة نفسها، والمدير الفنى فى التعاقد مع لاعبين أو الاستغناء عنهم، وهو ما أوضحه الكابتن محسن صالح، عضو اللجنة السابق، فى عدد من اللقاءات التليفزيونية، فضلاً عن استبعاد نجوم مؤثرين من حسابات المدرب مثل على معلول بعد عودته من الإصابة، دون تعويض كافٍ.
هذه المعطيات تؤكد إخفاق الإدارة فى إدارة ملف كرة القدم بطريقة متناغمة، وذلك رغم تحقيقها الكثير من البطولات، ولكنها لم تنجح فى خلق مناخ من التعاون والثقة المتبادلة بين الجهاز الفنى والإدارة، بل تركت الأمور تتفاقم إلى صراعات داخلية أثرت سلبًا على استقرار الفريق.