إعادة إنتاج المأساة

إعادة إنتاج المأساة

إعادة إنتاج المأساة

 العرب اليوم -

إعادة إنتاج المأساة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

 

على مدى عقود، ظلت نكبة ١٩٤٨ جرحًا مفتوحًا فى الوعى الفلسطينى والعربى، حيث أدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم، وولدت معاناة ممتدة لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم.

واليوم، يتجدد شبح النكبة عبر مشروع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى يقضى بتفريغ قطاع غزة من سكانه، فى خطوة تثير القلق من إعادة إنتاج مأساة التهجير القسرى، لكن هذه المرة وسط رفض عربى ودولى واسع.

شهد عام ١٩٤٨ تأسيس دولة إسرائيل على الأراضى الفلسطينية، فى ظل صراع عسكرى أدى إلى تشريد أكثر من ٧٠٠ ألف فلسطينى، فروا أو أجبروا على مغادرة منازلهم إلى دول الجوار، مثل الأردن وسوريا ولبنان. هذه الكارثة، التى يسميها الفلسطينيون «النكبة» لم تكن مجرد مأساة إنسانية، بل شكلت الأساس لصراع طويل الأمد حول الأرض والهوية والحقوق.

ومنذ ذلك الحين، ظلت قضية اللاجئين الفلسطينيين محورًا رئيسيًا فى أى نقاش حول الحلول السياسية للصراع الفلسطينى الإسرائيلى.

فى ظل استمرار الحرب المدمرة فى غزة، خرج ترامب بمقترح يطالب بترحيل سكان القطاع إلى الدول المجاورة، وهو طرح أثار موجة غضب واسعة، فقد اعتبرته أطراف عديدة محاولة لإعادة إنتاج سيناريو النكبة، لكن بأسلوب جديد وتحت ذرائع مختلفة، مثل «الأمن الإسرائيلي» و«إعادة إعمار غزة».

هذا الطرح ليس مجرد فكرة عابرة، بل جاء ضمن سياق تحركات سياسية وضغوط اقتصادية، من بينها تجميد الولايات المتحدة لمساعداتها للأردن، أحد أبرز الدول المعارضة لهذه الخطة.

ويبدو أن هذا الإجراء يهدف إلى الضغط على عمان للقبول باستقبال الفلسطينيين المهجّرين، وهو ما يرفضه الأردن بشدة، إذ يعتبر أى تهجير جديد للفلسطينيين تهديدًا وجوديًا لأمنه القومى واستقراره الداخلى.

على عكس عام ١٩٤٨، عندما كانت الدول العربية فى حالة ضعف سياسى وعسكرى ولم تستطع منع التهجير، فإن الموقف العربى اليوم يبدو أكثر تماسكًا، فقد أعلنت مصر والأردن وقطر والإمارات، خلال اجتماع فى القاهرة، رفضها القاطع أى محاولة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، كما شدد الملك عبد الله الثانى على أن «بقاء الفلسطينيين على أرضهم هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه».

أما على الصعيد الدولى، فقد انضمت أصوات أوروبية بارزة إلى الرفض، حيث أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أن «تهجير السكان المدنيين من غزة غير مقبول وينتهك القانون الدولى» بينما شدد رئيس الوزراء البريطانى، كير ستارمر، على أن الفلسطينيين «يجب أن يعودوا إلى ديارهم ويعيدوا بناء حياتهم».

وبينما تحاول الولايات المتحدة فرض رؤيتها بالقوة السياسية والاقتصادية، فإن الموقف الفلسطينى والعربى، مدعومًا برفض دولى واسع، يعزز الأمل فى إحباط هذا المخطط، كما أن تَجذُّر الفلسطينيين فى أرضهم ورفضهم مغادرتها رغم سنوات الحصار والقصف يثبت أن غزة ليست مجرد مكان قابل للإخلاء، بل هى وطن لا يمكن اقتلاعه من قلوب سكانه.

التاريخ لا يعيد نفسه بنفس الطريقة، لكن محاولات فرض التهجير القسرى كما حدث عام ١٩٤٨ قد تجد اليوم واقعًا مختلفًا يصعب تجاوزه. وما بين الضغوط الأمريكية والرفض العربى تبقى العِبرة الأساسية أن الفلسطينيين لن يسمحوا بتكرار نكبتهم، وأن العالم بات أكثر وعيًا بمخاطر هذا السيناريو، ما قد يمنح الأمل فى منع نكبة جديدة.

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة إنتاج المأساة إعادة إنتاج المأساة



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 22:12 1970 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية
 العرب اليوم - مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab