غزة بين الواقع والرؤية

غزة بين الواقع والرؤية

غزة بين الواقع والرؤية

 العرب اليوم -

غزة بين الواقع والرؤية

بقلم : عبد اللطيف المناوي

فى لقائى الأخير أمس الأول مع تونى بلير، بدا واضحًا أن التحولات التى يشهدها الملف الفلسطينى ليست مجرد تفاصيل عابرة، بل محاولة لإعادة صياغة قواعد اللعبة فى المنطقة. فالمسار الجديد الذى أُعلن عنه أخيرًا، مع تولى دونالد ترامب رئاسته، يكتسب ثِقلاً سياسيًا ومعنويًا كبيرًا، ليس فقط لرمزية من يقوده، بل لأنه يشير إلى انتقال الإدارة الأميركية من تشددها السابق إلى مقاربة أكثر مرونة، تقوم على مبدأ أن “غزة لأهل غزة” مع عودة تدريجية للسلطة الفلسطينية، وصولًا إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية كهدف سياسى نهائى.

لكن الطريق ليس ممهدًا.. فالمعضلة الكبرى تبقى فى قدرة حركة “حماس” على القبول بالترتيبات الجديدة، وإلا ستظل العقبة قائمة. إسرائيل بدورها تقف أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستمرار فى السيطرة على مليونى إنسان بما يعنيه ذلك من عزلة دولية وإقليمية، أو الدخول فى مسار يفتح الباب أمام استقرار القطاع ويزيح “حماس” من الحكم، بما يسمح بإحياء مشروع الحكم الذاتى وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية والتطبيع مع دول المنطقة.

أى عملية سياسية جادة تحتاج إلى صيغة واضحة لإدارة غزة. “حماس” لا يمكن أن تبقى الطرف الحاكم، والسلطة الفلسطينية فى وضعها الراهن غير مؤهلة لتولى المسؤولية منفردة. هنا تبرز فكرة إنشاء سلطة انتقالية ذات طابع تكنوقراطى، تدعمها هيئة إشراف عليا تتولى التمويل والتفاوض، وتضمن إعادة إعمار القطاع وحمايته من الوقوع تحت السيطرة المباشرة لإسرائيل.

من الواضح أن الدور الجديد المطروح لبلير لا يشبه تجربته السابقة فى “اللجنة الرباعية”، حين كان يتحمل مسؤوليات بلا صلاحيات. هذه المرة، أى دور سيُسند إليه لا بد أن يكون مرتبطًا بامتلاك أدوات اتخاذ القرار، لا بمجرد تقديم المشورة الاقتصادية أو القيام بدور استشارى شكلى.

التحدى الأكبر يظل فى إقناع الرأى العام الفلسطينى والعربى بجدوى هذه الرؤية. فالخطاب السياسى السائد ما زال يستند إلى مهاجمة إسرائيل، بوصفه السبيل الأوحد لدعم القضية الفلسطينية، بينما يتطلب الحل شريكًا قادرًا على التعامل مع إسرائيل نفسها والتوصل معها إلى تسويات عملية.

التجربة الأيرلندية التى عاشها بلير تبقى حاضرة كمثال؛ فنجاح عملية السلام هناك تحقق بعد بناء الثقة مع الطرف المقابل، وهو ما فتح الباب لإنجاز سياسى غير مسبوق. والدروس المستفادة واضحة: الشرعية لا تُمنح مسبقًا، بل تُنتج عندما تتحقق النتائج على الأرض. اتفاق الجمعة العظيمة وُوجه برفض واسع، لكنه مع الوقت أثبت أنه نقطة تحول تاريخية.

اليوم، التحدى فى غزة يتطلب خلق وقائع جديدة: إعادة إعمار، مدارس، وظائف، وإغاثة، أى خطوات قادرة على تحويل الخطاب السياسى من مجرد شعارات إلى واقع ملموس. مستقبل غزة يجب أن يُبنى على ركيزتين: التحرر من الاحتلال من جهة، والتخلص من هيمنة السلاح والتنظيمات المسلحة من جهة أخرى، مع فتح المجال لبناء مؤسسات اقتصادية وإدارية قادرة على تحويل القطاع إلى بيئة مستقرة ومزدهرة. عندها فقط يمكن المضى قدمًا نحو حل سياسى أشمل يشمل الدولة الفلسطينية والتسوية الكاملة فى المنطقة.

إننا أمام مسار جديد محفوف بالتحديات، لكنه يحمل فرصة مختلفة. والرهان الحقيقى هذه المرة ليس على الأسماء فقط، بل على القدرة على تحويل الرؤية إلى وقائع ملموسة.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة بين الواقع والرؤية غزة بين الواقع والرؤية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي

GMT 08:22 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس

GMT 07:26 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق رسمي من نيجيريا على الضربة الأميركية

GMT 09:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يشارك جمهوره كواليس مسلسل «علي كلاي»
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab