اليمين في ورطة

اليمين في ورطة

اليمين في ورطة

 العرب اليوم -

اليمين في ورطة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

لا أعرف إن كان عنوان المقال دقيقًا فعلًا بأن اليمين- وأقصد اليمين الأمريكى هنا- فى ورطة بعد انتخاب زهران ممدانى الاشتراكى الديمقراطى المسلم عمدة لنيويورك، أم أن ترامب هو القابع فى هذه الورطة!، لأن فوز ممدانى بالمنصب لم يكن مجرد تحول إدارى فى أكبر مدن أمريكا، بل هى لحظة سياسية، أظهرت حدود قدرات اليمين الأمريكى فى خطاب التخويف والهوية، وهو أمر يمارسه ترامب بشكل كبير.

لمن لا يعرف، فإن الحزب الجمهورى بقيادة ترامب وحركة (إعادة أمريكا عظيمة مرة أخرى) قادوا حملة طويلة عريضة ضد ممدانى فى الانتخابات، هذه الحملة شملت اتهامات تراوحت بين وصفه بـ«الشيوعى» مرة و«الجهادى الإسلامى» مرة أخرى، التقارير أشارت بوضوح إلى أن الهجمات التى قادتها شبكات يمينية ووجوه بارزة فى الحزب الجمهورى، جاءت بنتائج عكسية، إذ رسخت صورة ممدانى كضحية استهداف أيديولوجى، لا كتحدٍّ للنظام العام.

الحقيقة المرة التى استيقظوا جميعاً عليها أن (الترامبيين) خسروا فعاليتهم فى المدن الكبرى ذات الوعى السياسى المتقدم والتركيب الاجتماعى المتنوع. لقد بنى ممدانى حملته على خطاب واضح ومباشر يتعلق بتكلفة المعيشة، الإسكان، النقل العام، والمساواة الاقتصادية، وهى قضايا تشغل سكان نيويورك يوميًا. الناخبون لم يروا فى الرجل تهديدًا كما أراد اليمين تصويره، بل سياسيًا تقدميًا يتحدث عن مشاكلهم الواقعية. الأمر الأهم أن هذه الانتخابات جاءت بعد تغير ملحوظ فى المزاج الشعبى تجاه السياسة الخارجية، خصوصًا الحرب على غزة. بعض استطلاعات الرأى الصادرة عن مراكز بحثية أمريكية أشارت إلى انتقال ملحوظ فى مواقف الأمريكيين الشباب والمتعلمين الحضريين نحو تعاطف أكبر مع الفلسطينيين ورفض سياسات العقاب الجماعى التى تمارسها إسرائيل، وتدعمها بلادهم.

هذا السياق لعب دورًا غير مباشر فى إضعاف الخطاب اليمينى الذى حاول شيطنة ممدانى من مدخل الهوية والدين. فعندما يطالب نواب جمهوريون بطرده من الولايات المتحدة أو سحب جنسيته بناءً على مواقفه السياسية فقط، كما حدث فعلاً، فإنهم يقدمون أنفسهم للرأى العام بوصفهم خصومًا للحرية. وهذا خطاب لا ينسجم مع مدينة مثل نيويورك، التى ترى نفسها عاصمة التنوع والتعددية.

من هنا، تبدو أزمة اليمين أعمق من مجرد خسارة منصب. كما يبدو أن الخطاب الترامبى لم يعد قادرًا على تقديم رؤية مقنعة. هذه الكتلة - كما نعهد اليمين عموما- تعتمد على إثارة الخوف من الآخر، لا على معالجة جذور الأزمة، وفى مدينة مثل نيويورك، حيث يعيش ملايين الشباب المتعلمين المثقلين بالمشكلات، هذا الخطاب أصبح بلا أثر.

أرى أن اليمين فعلاً هو الذى فى ورطة، لأنه لو أدار الأزمات بنفس الطريقة، فإنه سوف يتجه إلى عزلة سياسية، ليس فى أمريكا فقط، بل فى العالم. وشيئًا فشيئًا، تتحول الخريطة الانتخابية (العالمية) نحو صراع بين كتلتين: كتلة حضرية متقدمة وكتلة محافظة توجه خطابها نحو التخويف والكراهية. فوز ممدانى بمنصب عمدة نيويورك، يجعل هذا الحدث أقرب مما نتخيل.

 

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمين في ورطة اليمين في ورطة



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي

GMT 08:22 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس

GMT 07:26 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق رسمي من نيجيريا على الضربة الأميركية

GMT 09:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يشارك جمهوره كواليس مسلسل «علي كلاي»
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab