جسر وحدة لا بذرة تقسيم

جسر وحدة لا بذرة تقسيم

جسر وحدة لا بذرة تقسيم

 العرب اليوم -

جسر وحدة لا بذرة تقسيم

بقلم : عبد اللطيف المناوي

تشهد الساحة الدرزية فى سوريا والمنطقة حالة من التناقض الحاد بين قياداتها، بعد أن تصاعدت الدعوات فى محافظة السويداء إلى الانفصال وتأسيس كيان مستقل. هذه الدعوات التى يقودها الشيخ حكمت الهجرى، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز فى سوريا، تعكس شعوراً بالخذلان والتهديد بعد سنوات من التهميش والصراع. الهجرى رفع سقف المطالب إلى حد الحديث عن «حق تقرير المصير» باعتباره حقاً مقدساً، بل وذهب أبعد من ذلك حين شكر علناً دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو على دعمهما، وهو ما فُسِّر بأنه انحياز صريح إلى الخارج، وخطوة تنذر بعزل الطائفة وربط مصيرها بمشاريع لا تخدم بالضرورة استقرار سوريا أو مصالح الدروز أنفسهم.

فى المقابل، يطل الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحى للدروز فى إسرائيل، برؤية مختلفة تماماً. فبدلاً من الانخراط فى شعارات الانفصال، دعا طريف الحكومة السورية إلى إظهار حسن النوايا وبناء الثقة مع الدروز، مؤكداً أن حقوقهم يجب أن تُصان ضمن الدولة السورية الواحدة. هذا الموقف، وإن بدا أقل اندفاعاً، يحمل إدراكاً لمخاطر تفكك سوريا وما يعنيه ذلك من فوضى وصراعات مفتوحة لن يكون الدروز فى مأمن منها.

وبين هذين الخطين، هناك أصوات أكثر هدوءاً مثل الشيخ يوسف جربوع، الذى يذكّر أبناء طائفته بأن الدروز عبر تاريخهم كانوا جزءاً من المحيط العربى والإسلامى، وأن التعويل على التدخلات الخارجية لا يصنع استقراراً، بل يزيد من عزلة الطائفة ويضعها فى موقع الارتهان.

الحقيقة أن هذه الانقسامات ليست مجرد خلافات شخصية بين الشيوخ، بل هى انعكاس لأزمة أعمق تعيشها الطائفة: هل تضمن حقوقها بالتمسك بالدولة السورية والإصلاح من داخلها، أم بالمغامرة فى مشروع انفصالى محفوف بالمخاطر؟. لكن التجارب القريبة، مثل التجربة الكردية، تؤكد أن وعود الدعم الخارجى غالباً ما تتبخر عند أول اختبار، وأن الطريق إلى كيان مستقل ملىء بالعقبات السياسية والعسكرية والإقليمية.

لكن لا يمكن فصل هذا الانقسام عن مسؤولية النظام الحاكم اليوم فى سوريا. فالدولة السورية بعد سقوط نظام الأسد أمام امتحان تاريخى: هل تكون قادرة على الحفاظ على وحدة البلاد حقاً، أم أنها ستقع أسيرة لعقيدة وميول القوة الحاكمة من تيارات الإسلام السياسى؟ إن أى محاولة لتثبيت حكم يقوم على الغلبة أو على إقصاء المكونات الأخرى لن تؤدى سوى إلى توسيع الشرخ وإحياء مشاريع الانفصال من جديد.

من هنا، فإن الخيار الأكثر واقعية للدروز– وربما لسائر المكونات السورية– هو التمسك بدولة واحدة، لكن عادلة. دولة تعيد صياغة عقدها الاجتماعى عبر دستور مدنى ونظام لا مركزى يضمن مشاركة حقيقية لكل المكونات. الانفصال قد يبدو حلاً سريعاً أمام الألم والخذلان، لكنه فى الحقيقة وصفة لمزيد من الانقسام والاقتتال. أما الرهان على وحدة الدولة مع إصلاح سياسى جاد، فهو الطريق الأصعب، لكنه وحده الكفيل بتأمين الحقوق والكرامة للجميع. ويكون الدروز فى هذه الحالة جسراً للوحدة لا بذرة للتقسيم.

arabstoday

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يطغَى الفُجور في الخصومة

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 07:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جسر وحدة لا بذرة تقسيم جسر وحدة لا بذرة تقسيم



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
 العرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 03:47 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 04:12 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروع أميركي لرفع اسم أحمد الشرع من قائمة عقوبات مجلس الأمن

GMT 05:01 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab