عاشق الصورة ومؤرخ الذاكرة

عاشق الصورة ومؤرخ الذاكرة

عاشق الصورة ومؤرخ الذاكرة

 العرب اليوم -

عاشق الصورة ومؤرخ الذاكرة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

اكتشاف الكنوز بين البشر بات صعباً، لذلك إذا وجدناه علينا أن نحافظ عليه. من بين الكنوز النادرة التى صادفتها وصادقتها مؤخراً فرانسيس أمين الذى أصبح إدمانا، أذهب إليه فى الجاليرى الذى يقع فى الدور الخامس فى وسط القاهرة، لأغرق معه فى تاريخ البشر والفنون، وأذهب معه رحلات عبر الزمن والحضارات والثقافات.

فى ركن هادئ من مدينة الأقصر، نشأ طفل يحمل من الشغف ما يفوق عمره، ليصبح مع مرور السنين أحد أبرز مؤرخى الفوتوغرافيا فى مصر، وصاحب أضخم أرشيف مصور يوثق تفاصيل الحياة والآثار المصرية عبر العدسة. فرانسيس أمين، جمع بين عشق الصورة، وغواية الحكاية، وحنين لا ينتهى إلى الذاكرة البصرية.

تعريفه البسيط المباشر الباحث الأثرى والمرشد السياحى والقنصل الفخرى لإيطاليا فى صعيد مصر.

بدأت قصته مع الصورة، وهو لم يتجاوز الخامسة، حين اصطحبته أسرته إلى استوديو بالأقصر لالتقاط صورة مدرسية، لكنه تسلل إلى غرفة التحميض ليكتشف عالماً جديداً أغراه بالبقاء فيه حتى يومنا هذا. فى السابعة كان يجمع صور السائحين المهملة التى تُلقى فى القمامة، وينقذ النيجاتيفات من سلة الإهمال.

فى سن الثانية عشرة، بدأ رحلة تجميع الصور وتصنيفها وكتابة أبحاث عنها، حتى راكم أرشيفاً يضم أكثر من ١٠٠.٠٠٠ صورة ونيجاتيف، منها ما هو نادر وتاريخى. تلك الصور لم تكن للعرض فقط، بل أصبحت مادة علمية ومعرفية شارك بها فى أكثر من ٥٠ معرضاً داخل مصر وخارجها. وكل مرة أسأله: هل تم دفع مقابل لك لما قدمت يهمهم بأصوات أفهم منها أنه لا يهتم بالمقابل، المهم أنه ساعد بما يستطيع من أجل ما يحب.

منذ منتصف الثمانينيات ينادى أمين بإنشاء متحف للفوتوغرافيا فى مصر، تقديراً لدورها الرائد فى دخول هذا الفن منذ عام ١٨٣٩، قبل أمريكا نفسها. ومازال فرانسيس يحتفظ بخارطة المشروع الذى كاد أن يتحقق لولا أحداث ٢٠١١، ومازال منتظراً اللحظة التى يرى فيها حلمه على أرض الواقع.

ما يميز فرانسيس أمين ليس فقط معرفته الموسوعية ولا أرشيفه المصور الهائل، بل إنسانيته الصافية، ووفاؤه للتاريخ، وتواضعه العميق، وإيمانه بأن الصورة ليست مجرد لقطة، بل وثيقة، وذاكرة، وجسر بين الماضى والمستقبل. هو ابن الحضارة، وراويها، ووصيّها المتجول بين المعابد والمكتبات، يحمل إرث المصريين بعدسته، وينسج لهم مكانة فى ذاكرة العالم. وكوّن خلية إنسانية متميزة بزوجته دكتورة مرفت جرجس العاشقة للترميم، وتمتلك شغفا وصبرا بلا حدود لما تعمل، ودارسة الدكتوراة فى ترميم الصور الفوتوغرافية وولديه فادى وشادى اللذين ورثا منه حب الفن وتقديم الدعم للمهتم بلا شروط أو مطالب.

فرانسيس أمين لا يوثق فقط ملامح الزمن القديم، بل يُعيد الحياة إلى أرواح سكناها الصورة، ويُعلّمنا أن التراث لا يُحفظ فى المتاحف فقط، بل فى القلوب المؤمنة بقيمته.

arabstoday

GMT 13:44 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

أثمان سيكون على لبنان دفعها…

GMT 13:42 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

إدارة غزّة… للفلسطينيّين وحدهم

GMT 13:38 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

الاستثمار والسياحة.. النجاح في الاستمرار

GMT 13:36 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

السياحة وزارة سيادية

GMT 13:32 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

إيران: أفكار راديكالية للتغيير!

GMT 13:30 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

مَن قتل القاضي الجيراني؟

GMT 13:26 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

زعماء صنعتهم الدعاية وأسقطتهم الهزائم

GMT 13:15 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

جار إيران المفاجئ الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاشق الصورة ومؤرخ الذاكرة عاشق الصورة ومؤرخ الذاكرة



النجمات يتألقن هذا الأسبوع نانسي تخطف الأضواء وكارول بأناقة الكورسيه

بيروت ـ العرب اليوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab